كتبه/ علاء الدين عبد الهادي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمع مغيب شمس يوم التاسع من شهر أكتوبر لعام 2011م، فجع المصريون فيما يجتاح بلادهم من أعمال شغب -بل جنون دموي- بعد ما كان من المفترض أن يكون "مظاهرة سلمية"، فقد راح ضحية هذا الهوس -حتى هذه اللحظات- ما يقرب من 25 قتيلاً، وأكثر من 300 جريحًا.
وبهذه المناسبة المقلقة -لنا جميعًا- نذكِّر بمجموعة من الحقائق -وليست آراءً-:
- السلفيون لم يكونوا طرفًا في أحداث "ماسبيرو"، ولم يتورطوا بأية أحداث طائفية أخرى، ولم يثبت ذلك، وكل ما يثار عن السلفيين في هذا وغيره إنما هو من خيال مريض في إعلام فاشل.
- ما حدث بماسبيرو ليس فتنة طائفية، إنما تقع الفتنة الطائفية بين طائفتين أو أكثر، ولكن ما رأيناه ليس اعتداء من طائفة على طائفة، بل رأينا طلائع "شعب الكنيسة" يشتبك مع جيش وشرطة بلدة تسمى: "مصر".
- من يتكلم الآن عن معالجة الفتنة الطائفية واجتماع العائلة الواحدة، والوحدة الوطنية ونحو هذا.. إنما ينشد علاجًا لمرض غير الذي تعاني منه مصر! مصر تعاني من بلطجة منظمة تسعى لتقويض نظام الدولة، وتأجيل الانتخابات، وتستقوي بالخارج عيانًا جهارًا، وبالمناسبة فمن يقوم بهذه البلطجة لا يروقون عامة المسلمين، ولا عامة الأقباط؛ لا سيما العقلاء منهم.
- عصابات البلطجة المنظمة والتحرش بالجيش ليست تشكيلات عشوائية كما لم تكن "أحداث ماسبيرو" وتِسْع محافظات مصرية في نفس التوقيت وبنفس الطريقة تداعيات تلقائية! بل هي حركة منظمة، ومخطط مدروس، بل ومعلن قبله بأيام، والمحرضون على هذه الأحداث معروفون بالاسم للقاصي والداني.
- لم يكن من السلفيين مَن حرض كتحريض هؤلاء، ولا مَن توعد المشير "بما يعرف" كما فعل هؤلاء، ولا من سب محافظًا، وقال: "هو تحت الحذاء" كما قال هؤلاء.
- في معمعة الأحداث ظهر الشيخ "ياسر برهامي" نائب رئيس الدعوة السلفية يدعو السلفيين -الذين لم يكن لهم ناقة ولا جمل في أحداث موقعة ماسبيرو أصلاً- ليخاطبهم ألا ينجرفوا مع أية دعاوى من أية جهة للمشاركة في هذه الأحداث؛ لأن معالجة الموقف لا يمكن أن تكون بمزيد من سكب البنزين على النار المشتعلة، بينما لم نسمع صوتًا عاقلاً رسميًا من الكنيسة المصرية في خضم الأحداث يدعو أبطال الفتنة إلى الكف عن هذا الغي.
- السلفيون -المضطهدون إعلاميًا- حينما دعوا إلى مليونية حقيقية بميدان التحرير ولباها ما يقرب من خمسة ملايين شخص؛ انصرفوا في آخر يومهم بهدوء، ولم يصب شخص واحد بأذى ولا سوء، ولم يتحرشوا بقوات الجيش، ولم يهاجموا مديريات الأمن، ولا مبنى وزارة الداخلية، ولا مبنى ماسبيرو بطبيعة الحال.
- السلفيون حينما خرجوا في مظاهرات للمطالبة بحرية سيدات مصريات -قامت لديهم الأدلة على أسرهن بالكنائس والأديرة- لم يتحرشوا بأحد من عامة النصارى، ولم يقولوا: "بالطول بالعرض إحنا أصحاب الأرض"، ولم يصب شخص واحد بسوء، وأقصى ما تمنوه أن تمارس الدولة سلطتها، فتأخذ الحق للمظلوم من الظالم، وأن تساوي بين أبناء الوطن الواحد حتى لا يكون المسلمون أغلبية مضطهدة لحساب الأقلية المدللـة!
- السلفيون لم يتورطوا مِن قبل بأحداث العمرانية، ولا خربوا المنشآت، ولا حاصروا مبنى محافظة الجيزة، ولا روعوا التلاميذ في مدارسهم، ولا المارة في طرقاتهم، ولم يلقوا "المولوتوف" والحجارة على أبنائهم وإخوانهم من جنود الأمن المركزي!
- في المصادمات الطائفية، لا يسارع السلفيون برفع الهلال مع الصليب -لمخالفة ذلك لعقيدة المسلمين-، ولكنك تجدهم مع ذلك في وقت الأزمات والمحن والانفلات الأمني -فضلاً عن غيره من أوقات الاستقرار- يحمون غير المسلمين بما يحمون به المسلمين طاعة لله، ومِن دون شعارات زائفة.
- في الأحداث الطائفية لم يحدث أن كان السلفيون طرفًا فيها، وخاصة حينما يكتشفون أن هناك من أطراف النزاع مَن يريد إشعال النار في البلاد؛ لا يكونون -أبدًا- هم هذا الطرف.
رسائل إلى الإعلام:
غزوة "ماسبيرو":
لماذا أقمتم الدنيا من أجل "غزوة الصناديق" رغم أن صاحبها قد بيَّن أنه قالها مازحًا بينه وبين تلامذته، ولم يؤذ بسببها شخص في دمه ولا ماله ولا عرضه، بينما لم يكن رد فعلكم على القدر ذاته حينما رأيتم الجنود يقتلون ركلاً بالأقدام، وضربًا بالرصاص.
"ارفع رأسك فوق أنت مسلم":
لماذا جمعتم شلة النخبة والمثقفين تتباكون على حال مصر وضياع "وحدة صفها" في جمعة الإسلاميين لما هتف بعض الجمهور بـ" ارفع رأسك فوق أنت مسلم" بدلاً من مصري -والإسلام لا شك هوية مصر-، بينما لم تحركوا ساكنًا حينما ردد آخرون: "ارفع رأسك فوق أنت قبطي"؟!
جيش مصر الكافر!
لماذا اعترضتم علينا -يا شلة الإعلام المضلل- حين كنا واضحين غاية الوضوح حينما قلنا: إن غير المسلمين "كافرون" بالإسلام -وهذا بدهي-، ونعامل غير المسلمين الذين لا يحاربوننا في الدين مع ذلك بالبر والإقساط كما أمر الله؟! ولم تعترضوا على من اعتدى على الجيش، وقال: "دول كفرة" حينما اعترض الجيش طريقهم نحو تخريب ماسبيرو؟!
أيها العقلاء في كل مكان..
السلفيون لم يغزوا ماسبيرو، ولم يقطعوا الآذان، ولم يرموا غير المحجبات بماء النار، ولم يهدموا ضريحًا، ولم يعتدوا على كنيسة.
فكفوا أيديكم عن السلفية يرحمكم الله.
أيها المفسدون..
كفوا أيديكم عن مصرنا الحبيبة قصمكم الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.