فالهجرة عبارة عن مفارقة الإنسان غيره، وقد يكون ذلك بالبدن كما في قوله -تعالى-: )وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ( <النساء:34>، وقد يكون باللسان أو بالقلب، كما في قوله -تعالى-: )إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا( <الفرقان:30>.
أما قوله -عز وجل-: )وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً( <المزمل:10>، فهو محتمل للهجر بالبدن والقلب واللسان، وقوله -سبحانه-: )وَالرُّجْزَ فَاهْجُر( <المدثر:5> حث على المفارقة بالوجوه كلها.
وإن تعلق الهجر بالمسلم فإنه يُعد كبيرة، شريطة أن يكون فوق ثلاث، وليس بغرض شرعي، لما في ذلك من التقاطع والإيذاء والفساد، وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى، ومنها ما رواه أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ» <رواه البخاري ومسلم>.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ» <رواه أبو داود، وصححه الألباني>.
صوت السلف www.salafvoice.com