كتبه/ حسام الأشقر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تبارك وتعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحج:30).
قال الليث: "حرمات الله ما لا يحل انتهاكها".
وقال الزجاج: "الحرمة ما وجب القيام به، وحرم التفريط فيه".
والله -عز وجل- يجعل حرمات لما شاء، ويعظم ويضاعف حرمة ما شاء، ومِن المعلوم أنه لا يستوي ما حرمَهُ الله من جهة واحدة، وما حرمَه من جهات متعددة.
فالجرم يعظم بتعدد جهات الانتهاك، ويعظم تبعًا لذلك الإثم ويتضاعف العقاب، فمثلاً: ظلم النفس بالمعاصي حرام في كل زمان ومكان، لكنه أشد؛ إذا وقع في الأشهر الحرم؛ ولذلك قال -تعالى-: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة:36).
ومِن الحرمات التي عظمها الله -تبارك وتعالى- أشد تعظيم، ورفع قدرها وضاعف حُرمَتَها: "حرمة المسلم"، وإنك في هذا الزمان -وللأسف- لا تطالع أخبارًا أو تتابع الأحداث حتى تطلع على ما يندي الجبين، ويبكي الفؤاد مِن الاستهانة بحرمات المسلمين؛ سواءً بدمائهم أو أعراضهم أو أموالهم.
ولهذا أردنا أن نُذكِّرَ بعظيم حرمة المسلم، بلاغًا وأداءً للحق الواجب، وإقامة لحجة الله -عز وجل- وتذكرةً؛ عسى أن ينتبه الغافل، وقد قال -تعالى-: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات:55).
وبعد.. فأدلة الكتاب والسنة في بيان حرمة المسلم كثيرة مستفيضة، ولقد جمع -صلى الله عليه وسلم- لبيان مضاعفة وتغليظ -كل حرمة من حرماته- بين ثلاث مِن أعظم الحرمات في الإسلام، روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟). قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: (فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟). قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: (فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟). قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا). فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ؟ هَلْ بَلَّغْتُ؟، فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ".
ونظر ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إلى الكعبة، فقال: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ" (رواه الترمذي بسند صحيح).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) (رواه مسلم).
ألا وإن أشد الحرمات: حرمة الدم، قَالَ -صلى الله عليه وسلم- (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاء) (رواه البخاري ومسلم).
قال -تعالى- في جزاء قتْلِ المؤمن عمدًا: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (النساء:93).
وغلّظ شأن قتل المؤمن خطأ فجعل فيه الكفارة والدية: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء:92).
وقال -تعالى- محذرًا التهاون في قتل مَن ألقى السلام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:94)، وقال -تعالى-: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ) (الأنعام:151).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني).
وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وفي رواية عنه -رضي الله عنه- بسند صحيح: (وَلَو أَنَّ أَهْل سَمَاوَاتِه وَأَهْل أَرْضِهِ اشْتَرَكُوْا فِي دَم مُؤْمِنٍ؛ لأََدْخَلَهُمُ الْلَّهُ الْنَّارَ).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ؛ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً) (رواه أبو داود، وصححه الألباني). قال يحيى بن يحيى الغساني: "(فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ) قال: الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي الْفِتْنَةِ، فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ، فَيَرَى أَنَّهُ عَلَى هُدًى، لاَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. يَعْنِي مِنْ ذَلِكَ".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلاَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
وقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ؛ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) (رواه البخاري).
وحرَّم -سبحانه- أذية المؤمن وترويعه وسبابه، وتوعد من فعل ذلك ظلمًا وعدوانًا: قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب:58)، وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النور:19).
(إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:10-12).
عن ابن عباس -رضي الله عنهما قال: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرَيْنِ. فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ) ثُمَّ قَالَ: (بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ) (رواه البخاري ومسلم).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) (رواه أحمد وأبو داوود، وصححه الألباني).
وقال: (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ؛ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ) (رواه مسلم)، وقال: (لا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإِنَّهُ لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ؛ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ) (متفق عليه).
وقال: (إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ؛ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا) (متفق عليه).
وقال: (يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ) (روه الترمذي، وصححه الألباني).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) (متفق عليه)، وقال: (وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا؛ فَهُوَ كَقَتْلِهِ وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ؛ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) (رواه البخاري).
وحرَّم -سبحانه- أكل مالِه وغصب شيء من حقه -ولو كان يسيرًا-: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (النساء:29)، وقال -تعالى-: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188).
وقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ؛ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ). فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) (رواه مسلم).
وقَالَ: (مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ) (رواه البخاري).
وقال: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)? (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال: (مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الأَرْضِ ظُلْمًا؛ طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) (رواه مسلم)، وقال (وَمَنْ غَشَّنَا؛ فَلَيْسَ مِنّا) (رواه مسلم).
وقال: (حُرْمَةُ مالِ المُسْلِمِ كحُرْمَةِ دَمِهِ) (روه الطبراني وأبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).
ومِن ثمَّ وصف رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- المسلمَ الحق، فقال: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِه وَيَدِهِ) (رواه البخاري ومسلم).
ونصح -صلى الله عليه وسلم- لكل مسلم؛ لئلا يبوء بإثم أخيه، فقال: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا) وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) (رواه مسلم).
وقال: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً؛ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا؛ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (متفق عليه).
وإذا كان الله -تبارك وتعالى- حرَّم الظلم عمومًا، ففي الحديث القدسي يقول الله -تبارك وتعالى-: (يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلا تَظَالَمُوا) (رواه مسلم).
وحذر منه حتى مع الأعداء، قال -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه مسلم).
فإذا حرم الظلم لكل أحد؛ فأوجب وأحرى أن يكون الحذر مِن ظُلمِ مَن ضَاعَفَ الله حُرمَتَه، فليتق الله -عز وجل- كل مسلم من انتهاك حرمات المسلمين فضلاً عَن صالحيهم وعلمائهم، وليحذر من مكر الله -عز وجل-: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) (إبراهيم:42).
اللهم سلمنا وسلم منا، وأصلح أحوالنا، وأمِّن بلادنا وبلاد المسلمين.
وصلِّ اللهم وسلِّم على محمد، وآله وصحبه أجمعين.