كتبه/ جمال فتح الله عبد الهادي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن المواضع التي ذكر فيها اسم الله الحليم في القرآن العظيم، قوله تعالى-: (وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (آل عمران:155).
والغفور من أسماء الله، والحليم من أسمائه.
والغفور معناه: ذو المغفرة؛ وهي: ستر الذنب والتجاوز عنه؛ لأن أصلها من (المِغفر)، وهو ما يُلبس على الرأس يُتّقى به السهام، وهو جامع بين الستر والوقاية، أما الحِلم فهو التأني وعدم السرعة.
ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله-:
وَهوَ الْحَلِيمُ فَلَا يُعَاجِلُ عَبْدَهُ بِعُـقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ
فالحليم معناه: الممهل للعباد، المتأنّي في عقوبتهم.
ومنها قوله -تعالى-: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) (الأحزاب: 51).
قال السعدي -رحمه الله-: "أي: واسع العلم، كثير الحلم، ومن علمه: أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم. ومن حلمه: أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر".
وقوله -تعالى-: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (الإسراء: 44).
قال السعدي -رحمه الله-: "حيث لم يعاجل بالعقوبة مَن قال فيه قولًا تكاد السماوات والأرض تتفطر منه وتخر له الجبال، ولكنه أمهلهم وأنعم عليهم وعافاهم ورزقهم ودعاهم إلى بابه ليتوبوا من هذا الذنب العظيم؛ ليعطيهم الثواب الجزيل، ويغفر لهم ذنبهم، فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الأرض ولما ترك على ظهرها من دابة".
وقال الإمام الطبري: "(إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا) يقول: إن الله كان حليمًا لا يعجل على خلقه، الذين يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء المشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بالعقوبة".
و(غَفُورًا): "يقول: ساترًا عليهم ذنوبهم، إذا هم تابوا منها بالعفو منه لهم. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا) عن خلقه، فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض. (غَفُورًا): لهم إذا تابوا".
وللحديث بقية -إن شاء الله-.