كتبه/ إسلام صبري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد آن أوان يقظة العلماء وطلبة العلم بالتحرر من هذا السكوت عن الحق الذي لا يليق بمصلح وداعية؛ فضلًا عن عالم وفقيه، وآن أوان الإخوة الكرام الذين نحبهم ويحبوننا وقد فرَّقتنا الأحداث وما تخلَّلها من تسرب لمناهج باطلة بيننا أن يتيقَّظوا لهذه الانحرافات الدخيلة على منهج السلف وما هي منه في شيء، وأن يرجعوا لمنهجهم السلفي الذي تربَّوا عليه زمنًا من الدهر قبل أن تتخطَّف الأهواء أقوامًا وتعصف بآخرين.
وأنتم يا أبناء الدعوة السلفية، لم تفرِّقوا يومًا المجتمع على الطاعة، ولم تشقُّوا يومًا الصفَّ الإسلامي -كما يزعم الزاعمون!-، بل كنتم مدافعين عن كل أهل العلم والدعاة؛ حتى من قصَّر منهم في نصرة حق أو ردِّ باطل وترككم منفردين في مواجهة الآلة الإعلامية الفتاكة التي يديرها أهل البدع والضلالة، بل حتى كنتم كذلك مدافعين عن بعض أهل البدع أو الانحراف إذا وقع عليهم بغي وعدوان مع التحذير من بدعتهم أو انحرافهم، هكذا وجدناكم، نحسبكم كذلك والله حسيبكم.
ولتعلموا أن كل من خالفكم في تلك المسائل: (بمعنى إنزال مسائل الاجتهاد والخلاف السائغ التي لا يُختلف في كونها من الخلاف السائغ منزلة الخلاف غير السائغ، فيبدِّع ويفسِّق بناءً على جهله وبغيه)؛ فإنه قطبيٌّ سروريٌّ أو متأثِّر بخطابهم الصدامي الباغي.
ولذلك أقولها صراحةً دون مواربة: إن كل من خالف الدعوة السلفية بمعنى تخوين مشايخها وأبنائها لأجل مسائل اجتهادية خلافية سائغة، ولو من مسائل السياسة، فهو قطبيٌّ سروريٌّ أو متأثِّر بخطابهم الصدامي الباغي.
أما من يخالف الدعوة في تلك المسائل -مسائل الخلاف السائغ- فيرى مثلًا عدم وجود مصلحةٍ الآن في إنشاء حزب سياسي، أو خالفهم في بعض قراراتهم أو مواقفهم ورأى أفضلية غيرها، أو نحو ذلك من مسائل الخلاف السائغ في أي باب من أبواب الدين مع حفظ أقدارهم وعذرهم في خلافهم كما بيَّنَّا أنه إجماع الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فهذا لا حرج فيه، وهو منا ونحن منه ونحمله فوق رؤوسنا.
واعلموا أن الواجب على جميع المسلمين: التعاون على البر والتقوى -وإن لم ينتمِ لجماعة ولا لحزب- فما الذي يمنع عالمًا أن يتواصل مع أخيه العالم ويستمع وجهة نظره ويستفيد منها أو ينصحه فيها، أو نحو ذلك مما هو واجب عليهم ومنقبة في حقهم؟! وما الذي يمنع عالمًا من لقاء إخوانه الذين ذهبوا إليه حتى باب داره ليتباحثوا معه أمور المسلمين؟!
وما الذي يمنع عالمًا من استقبال إخوانه الذين ذهبوا إليه وتحدَّثوا معه، فإذا به يصرفهم بصنعة أدب كما يقال -أراه والله أعلم في ذلك الموقف ليس من الكرم ولا المروءة- دون أن يستقبلهم، ولا أن يتباحث معهم في أمور تحتاج إليها الأمة ويتشوَّف شباب المسلمين ليسمعوا آراء علمائهم فيها؟!
مما منعهم من ذلك: التأثُّر بالخطاب القطبي السروري الذي يسحق كلَّ مَن لم يسر في ركابه ويفتك به، ولو كانت المسألة مسألة اجتهادية!
فهلمُّوا عباد الله إلى منهج السلف الصالح الذي يعذر أهله بعضهم بعضًا في مسائل الاجتهاد في السياسة والعبادات، وغيرها، وينكر الباطل ومسائل الخلاف غير السائغ، ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
والله حسبنا جميعًا ونعم الوكيل.