السؤال:
تأكيدًا لمبدأ المواطنة والمساواة، أدخلتْ وزارة التربية والتعليم نصوص من "الإنجيل" لأول مرة بمناهج التربية الوطنية الجديدة للمرحلة الثانوية، وذلك في الفصل الخاص بحقوق الإنسان.
وتضمن الفصل الأول من الباب الثاني لمنهج التربية الوطنية للصف الثالث الثانوي مبادئ حقوق الإنسان في الديانة المسيحية، مثل: المساواة بين الأغنياء والفقراء في الإصحاح 22 من سفر الأمثال: "لا تقهر الفقير ولا تسحق المسكين في القضاء".
وحرية الاختيار، وتقرير المصير في الإصحاح 30 من سفر التثنية: "فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك". وحق الإنسان في العدل بسفر الجامعة الإصحاح الخامس: "إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد فلا ترتع من الأمر؛ لأن فوق العالي عاليًا يلاحظ، والأعلى فوقهما"، كما تمت الإشارة إلى أن كتابهم المقدس به 49 آية عن العدالة، مثل: "إجراء العدل والحق أفضل عند الرب من الذبيحة".
فيما جاء في الباب الأول بمنهج التربية الوطنية للصف الثاني الثانوي موضوع عن حقوق المواطنين غير المسلمين كما أقرها الدين الإسلامي، وطبقًا لصحيفة المدينة والتي تتضمن 47 بندًا، منها: الحماية من العدوان الخارجي، وحماية الأعراض، والتأمين عند العجز والشيخوخة والفقر، وحرية العقيدة، وحق العمل.
وأشار المنهج إلى أن المواطنة تهدف للوصول إلى درجة المساواة الكاملة بين الجميع في الحقوق والواجبات، والمساهمة في تشكيل شخصية المواطن، والهوية الجماعية للمصريين، وبناء نظام سياسي مدني تعددي متنوع من حيث الثقافة والأيديولوجية والدين، والعمل على تعزيز الانتماء للوطن وخدمته والدفاع عنه.
أما وحدة حقوق المرأة فجاءت في جزء خاص عن المرأة في المسيحية، وأكدت أن المسيحية لا تميز بين الرجل والمرأة، بل تؤكد المساواة الكاملة، وتحرِّم الطلاق، وتعدد الزوجات.
أما صورة الغلاف الخاص بمناهج التربية الوطنية الجديدة فقد كانت عبارة عن رفع الصليب والمصحف في مظاهرات "ثورة يناير" مع علم مصر.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعقيدة المسلمين عن الكتب التي بأيدي أهل الكتاب بيَّنها الله في القرآن، فقال -تعالى-: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78)، وقال الله -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (البقرة:79).
وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:41). وقال: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) (المائدة:13).
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَضِبَ وَقَالَ: (أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي) (رواه أحمد والدارمي، وحسنه الألباني).
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ، وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، أَقْرَبُ الكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ" (أخرجه البخاري).
وما في أيديهم من الكتب يجوز النقل عنها إذا كان موافقًا للكتاب والسنة؛ لأن الله قال: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) (المائدة:48)، لكن لابد من بيان العقيدة الإسلامية في هذه الكتب، ويستحيل على مسلم أن يرى مساواة القرآن بما في أيديهم من الكتب، مع ما ذكر الله في كتابه ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته من حصول التحريف فيها.
أما ذِكْر تحريم الطلاق وتعدد الزوجات في حقوق المرأة فهو من أبطل الباطل؛ لمخالفة هذا للكتاب والسنة والإجماع؛ فليس هذا من حقوق المرأة.
ورفع الصليب لا يجوز شرعًا -كما ذكر في فتوى سابقة-.