كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
- التغيير سنة كونية - لا تدوم الدنيا لأحد.
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق:36-37)، (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ . أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج:45-46).
- والتغيير للإصلاح فريضة شرعية: (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود:88).
- الإصلاح من وجهة النظر الإسلامية هو في إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين:
أ- إقامة الدين:
1- الإسلام: أركان الإسلام الخمسة، وضرورة إقامتها في الناس، ليس فقط السماح لهم بإقامتها وترك الحرية لهم؛ بل حثهم ودعوتهم إلى إقامتها، وعقوبة مَن يتركها، ثم متممات هذه الأركان في التزام أحكام الشرع في المعاملات المختلفة: البيوع والأموال، والإجارات، والمضاربات، والشركات، والزواج، والطلاق، والمواريث، واجتناب الربا والميسر، والجنايات، والخصومات، وسائر الأنشطة الإنسانية.
2- الإيمان: أركان الإيمان الستة، ودور الأمة كلها -والحاكم خصوصًا- في نشرها والدعوة إليها، وتحقيق التوحيد بأنواعه، وهو الإيمان بالله، ومحاربة الشرك خاصة شرك القبور وشرك التحاكم إلى غير شرع الله -تعالى-، وشرك الرضا بالشرك والكفر والإقرار به، وعبادة الدرهم والدينار والشهوات، وتحقيق سائر أركان الإيمان علمًا وعملاً.
3- الإحسان: إصلاح القلوب: بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والإخلاص، والزهد، والصبر.
التخلي والتحلي: إصلاح الأخلاق بمقاومة الشهوات، والانحلال في علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع، والغش والكذب، والغيبة والنميمة، والرشوة، والرياء، والكسب الحرام، ونشر الفضائل: بر الوالدين، وصلة الأرحام، وغيرهما.
ب- سياسة الدنيا بالدين:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء:58).
- إيجاد أنظمة الحياة الإسلامية التي تقود المجتمع إلى بناء الفرد المسلم الملتزم بالإسلام والإيمان والإحسان، وهذه الأنظمة هي فروض الكفاية.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ) (رواه الحاكم، وصححه، وحسنه الألباني).
- الولايات: الإمامة - ولاية المال والاقتصاد - التعليم - الإعلام والحسبة - الحرب والسلم - الجهاد في سبيل الله -تعالى-.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه).
عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِىَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ مَعْقِلٌ: "إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ؛ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)" (متفق عليه).
- والحكم بين الناس بالعدل: أي بالشرع في فصل الخصومات، وإقامة الحدود، والحقوق والعقوبات.
الخطبة الثانية
هل المشكلة هي مشكلة الفقر والمشكلة الاقتصادية؟
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (الأعراف:96).
- كيف صبر الصحابة -رضي الله عنهم- على الفقر؟
(مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه).
- كيف عالج الإسلام المشكلة الاجتماعية بالتكافل؟
الزكاة - الصدقات - الصلة - الإحسان إلى الجيران - إيجاب نفقة الفقراء على أقاربهم الأغنياء، ثم على بيت المال.
- أساس العلاج في الأمانة: وحرمة الأموال العامة أعظم من الخاصة "أحاديث تحريم الغلول".
قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ) (متفق عليه).
هل المشكلة سياسية؟
- (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129).
- وجوب تولية الأمناء الأكفاء: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص:26)، وحرمة تولية الخونة والمرتشين، واللصوص والجهلاء، ومتبعي الشهوات، ومَن لا كفاءة عنده.
- وجوب اختيار الأمثل فالأمثل بناءً على موازين الشرع: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا) (الأعراف:155).
- صفات الإمام في الإسلام: تفسير القرطبي في قوله -تعالى-: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة:30)، وغياث الأمم للجويني.
هل المشكلة اجتماعية؟
وجوب التراحم والتعاطف، والتماسك ووحدة الأمة.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (رواه مسلم).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ (متفق عليه).
التغيير لا التدمير:
ليس التدمير والتخريب من وسائل التغيير - حرمة الدماء والأموال والأعراض.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) (متفق عليه).