كتبه/ أحمد فريد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كنت في زيارة دعوية لـ"أمريكا" منذ سبعة عشر عامًا تقريبًا في مثل هذه الأيام من السنة، فرأيت تمثال القس "نويل"، وهو شخصية وهمية يريد النصارى أن يعلق الأطفال قلوبهم بها كأن الهدايا تأتي من عنده.
رأيت هذه التماثيل على البيوت، والمحال التجارية، وهذا لا يستغرب من هؤلاء النصارى الذين قال الله -عز وجل- فيهم: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (البقرة:113)، ولكن العجيب الغريب ما يحدث في بلاد المسلمين من تعليق هذه التماثيل القبيحة للقس "نويل" على المحلات التجارية التي يملكها مسلمون، وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ؟) (متفق عليه)، فهذا علم من أعلام النبوة.
أين عزة الإسلام؟! أين الهوية الإسلامية؟! أين ما ينبغي أن يتربى عليه أطفال المسلمين وشبابهم من وجوب تعلق قلوبهم بالله -عز وجل-، واعتقاد أن النعم كلها من عن الله كما قال الله -تعالى-: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل:53)؟!
وقد أعجبني تربية أحد إخواننا لابنه كلما أتى له بثوب جديد أو لعبة يقول له: "هذه من عند الله"! حتى يعلق قلب الطفل بالله -عز وجل-، ويطالب نفسه بواجب الشكر.
أحب أن أنبه -أيضًا- على أن الأعياد من شعائر الدين؛ فلا يجوز تهنئة اليهودي والنصراني بعيده؛ لأن هذا إقرار له على الباطل وتمييع لقضية التوحيد، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) (آل عمران:19)، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)، فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله -عز وجل- للبشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها كما قال الله -تعالى-: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) (المائدة:3).
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عمر -رضي الله عنه- ورقة من التوراة فتمعر وجهه -صلى الله عليه وسلم- وقال: (أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي) (أخرجه أحمد، وحسنه الألباني).
وعيسى -عليه السلام- إذا نزل في آخر الزمان لا يتعبد بشريعته؛ لأن شريعته منسوخة، بل يتعبد بشريعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويصلي خلف المهدي ويقول: "إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ، تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ" (رواه مسلم).
فعلى المسلمين معرفة قدر دينهم وشرف نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (الأنبياء:10)، أي: فيه ارتفاع شأنكم وعزكم.
وقال عمر -رضي الله عنه-: "كنا أذل الناس فأعزنا الله برسوله -صلى الله عليه وسلم- فمهما طلبنا العزة بغيره؛ أذلنا الله -عز وجل-".
نسأل الله -تعالى- أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا.