الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 13 نوفمبر 2025 - 22 جمادى الأولى 1447هـ

العقيدة اليهودية والسيطرة على العالم (4) صلة أرض الميعاد بالمسلمين

كتبه/ مصطفى حلمي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

تقصَّى العلَّامة الهندي "محمد علي" بعض نصوص العهد القديم، فأرشدتْه إلى أنَّ حقَّ المسلمين في أرض الميعاد ثابتٌ طبقًا لهذه النصوص.

وقد استهلَّ بحثَه بقوله: "إنَّ الجدَّ الأعلى لليهود والإسماعيليين هو إبراهيم الخليل -عليه السلام-، وعلى الرغم من أنَّ الكتاب المقدَّس الذي أُنزل على إبراهيم -عليه السلام- لم يصلْنا، فإنَّ سفر التكوين من العهد القديم يلقي ضوءًا كثيرًا على وعود الله له فيما يتصل بمستقبل ولدَيْه إسحاق وإسماعيل -عليهما السلام-، والقرآن الكريم نفسه يُلمح إلى الوعود نفسها، يقول: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: 124).

وهكذا وُعِد إبراهيم -عليه السلام- بأن تُكرَم ذريته بهبة الإمامة؛ ولكنَّها لا بد أن تُنتزَع منهم إذا ما ظلموا، فصلاة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- المشتركة في الكعبة تشير إلى المفاد نفسه: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 129).

وفي "العهد القديم" وعد إلهي بالمعنى ذاته، فاز به إبراهيم -عليه السلام- حتى قبل مولد إسحاق وإسماعيل: "فأجعلك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظِّم اسمك، وتكون بركة، وأبارك مباركيك، ولاعنيك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (سفر التكوين 12: 2-3).

إنَّ قليلًا من إمعان الفكر يُظهِر بوضوح أنَّ هاتين الآيتين تشيران بما لا يحتمل اللبس إلى ذرية إسماعيل -يعني إلى المسلمين-؛ ذلك بأنَّ المسلمين هم وحدهم، بين أقوام العالم كله الذين يُصلُّون على إبراهيم -عليه السلام- ويباركونه خمس مرات كل يوم على الأقل.

وبعد ذلك يشير سفر التكوين نفسه إلى إسماعيل -عليه السلام- باسمه فيقول: "وأمَّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأُثمره وأكثِّره كثيرًا جدًّا، اثنا عشر رئيسًا يلد، وأجعله أمة كبيرة" (سفر التكوين 17: 20). وهنا أُعطي الوعد الخاص بإسماعيل -عليه السلام- وذريته بالطريقة نفسها التي أُعطي بها الوعد الخاص بإبراهيم -عليه السلام- وذريته.

وجاء بنص سفر التكوين <17: 7-8>: "وأقيم عهدي بيني وبينك -أي العهد بين الله -تبارك وتعالى- وإبراهيم -عليه السلام- وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدًا أبديًّا؛ لأكون إلهًا لك ولنسلك من بعدك، وأُعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان، ملكًا أبديًّا، وأكون إلههم".

وفي تفسير هذا النص، قال "محمد علي": "وهذه علامة أخرى منظورة تُرينا من هم الآن الورثة الحقيقيون للوعد الإلهي لإبراهيم -عليه السلام-، ومن الحقائق التاريخية الثابتة: أنه ما إن جاء الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى انتُزعت أرض الميعاد من أتباع الأنبياء الإسرائيليين ونُقلت ملكيتها إلى المسلمين الذين بسطوا سلطانَهم عليها طوال القرون الثلاثة عشر الماضية، وإنَّما كان الغرض الأساسي من الحروب الصليبية هو انتزاع أرض الميعاد من أيدي المسلمين، ولا ريب في أنَّها ضاعت من أيدي المسلمين -مؤقَّتًا-؛ ولكنَّها سرعان ما أُعيدت إليهم بعد فترة يسيرة، وفاءً بالوعد نفسه الذي وَعَد الله به إبراهيم -عليه السلام-، ولو قُدِّر لها بعد أن تضيع من أيدي المسلمين فلن يستمر ذلك غير بُرهة قصيرة، فإنَّ السيطرة السرمدية عليها سوف تكون دائمًا للمسلمين" (حياة محمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالته"، ص: 44، 46، محمد علي، وقد كتب مقدِّمته في سنة 1923، ترجمة منير البعلبكي، دار العلم للملايين - بيروت سنة 1967م).

أمَّا إصرارهم على استعمار أرض الميعاد، فليس مسلَّمًا لهم بناءً على نصوص من كتبهم نفسها، وفي المقال القادم -إن شاء الله- نشرح مختصرًا للبروتوكولات التي تضمَّنت خطط السيطرة على العالم.