كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ثانيًا: المسئولية الإصلاحية:
1- تعريف المسئولية الإصلاحية:
من التعريفات اللغوية التي وردت لكلمة "المسئولية" أنها: "ما يكون به الإنسان مسؤولًا ومطالبًا عن أمور أو أفعال أتاها".
- أو هي: "أن يتحمل الإنسان نتائج الأفعال التي يأتيها مختارًا، وهو مدرك لمعانيها ونتائجها".
- أو هي: "شعور الإنسان بالتزامه أخلاقيًا بنتائج أعماله الإدارية فيحاسب عليها، إن خيرًا وإن شرًّا".
- أو هي: "تحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العملية من الناحية الإيجابية والسلبية، أمام الله في الدرجة الأولى، وأمام ضميره في الدرجة الثانية، وأمام المجتمع في الدرجة الثالثة".
- أو هي: "حالة يكون فيها الإنسان صالحًا للمؤاخذة على أعماله وملزَمًا بتبعاتها المختلفة".
وعلى ما سبق من تعريفات، فإننا نستطيع أن نعرّف *المسئولية الإصلاحية بأنها: "الحرص على تأدية الأعمال الإصلاحية والتكليفات التي يكون الإنسان مطالبًا بتأديتها على الوجه الأمثل؛ سواء كانت هذه الأعمال قد انتدب هو نفسه لها أو أُلزم بها من غيره مع تحمل تبعات هذا الأداء".
أو هي: "القدرة على الأداء والوفاء؛ الأداء للأعمال والأنشطة الإصلاحية المرادة والمكلَّف بها من المؤسسة، والوفاء بالتزاماته نحو تحقيق النتائج المرجوة من هذه الأعمال وتلك الأنشطة، واللازمة لنشر العبودية في المجتمع".
وهذان التعريفان يمكن أن يتلخصا في قول ابنة الرجل الصالح: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (القصص: 26)، أي بمعنى: الأخذ بأسباب القوة في الأداء، مع التحلي بمقومات الأمانة وأسباب التوفيق المؤثرة في الوفاء.
وعليه؛ فإن من المسئولية علينا أن نفصّل في المتطلبات اللازمة للنجاح في تحمل المسئولية أداءً ووفاءً.
2- متطلبات تحمل المسئولية:
هناك متطلبات شخصية لازمة في الأفراد لتحقيق التوفيق، وهناك متطلبات مهارية لازمة لتنفيذ الأعمال طبقًا للمهام.
أولًا: المتطلبات الشخصية:
أ- الحرص على تحصيل أسباب التوفيق:
يحتاج أي مسؤول إلى جلب أسباب التوفيق له من ربه في كل يوم من أيام حياته، فكل مجهود مبذول بدون تحصيل توفيق الرب -سبحانه وتعالى- هو مجهود مهدور، والله -عز وجل- قد رتَّب تحصيل ثمرة حمل مسؤولية ميثاق العبودية من النقباء -الأمناء الضامنون على قومهم، المسؤولون عن حمل الأمر لمن خلفهم- على معيته -سبحانه وتعالى- لهم، كما بيَّن -عز وجل- ذلك في سورة المائدة: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (المائدة: 12).
فمن سلك طريق المسئولية، وصدق في حرصه على النجاح في مهمته، فلا بد له أن يكون مستصحبًا معية الله وقدرته؛ فبها يطمئن قلبه، وتقوى عزيمته، ويصير موفَّقًا في أعماله وقراراته؛ فهي معية من السميع البصير، القوي العزيز، المدبر القادر، القابض الباسط.
فهي معية محبة وتوفيق وبصيرة، حفظ وحماية، سكينة وطمأنينة، معية رضا ونصر وتأييد؛ من حازها فقد أوى إلى ركن شديد؛ فمعية الله -وأكرِمْ بها مِن معية- يصير العبد بها كالجبال الراسية التي لا تتزعزع؛ ففيها كل التوفيق والدعم والطمأنينة المطلوبة لاستمرار المسير.
معيةٌ إن حظي بها المسؤولون والعاملون، ما ضرهم صعوبة التكليفات، أو كثرة العقبات، أو كيد الكائدين، أو مكر الماكرين؛ لأن المعين لهم هو رب العالمين.
فأنعم بها من معية.