الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتدين "الدعوة السلفية" بشدة تدنيس بعض اليهود لحرمة مساجد المسلمين "المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي"، والإقدام على الاحتفال بأعيادهم فيهما في ظلِّ حماية من سلطات الاحتلال، وذلك في ذات الوقت الذي تُضَيِّق فيه على المصلين تضييقًا شديدًا؛ لتقليل عدد المسلمين الذين يصلون في المسجد إلى أقصى درجة، بل ومنع الصلاة تمامًا في المسجد الإبراهيمي يومي: الخميس والجمعة!
ونحن نتوعَّد هؤلاء بوعيد الله لهم، وكثيرٌ منهم يعلم صِدْق صحة الإسلام، وصدق النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ فنتوعدهم بما توعدهم الله به في القرآن الكريم، بقول الله -تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: 114).
وأي جُرْم أعظم مِن منع الصلاة في "المسجد الأقصى"؟!
ونذكر اليهود أن عربدتهم لن تطول -بإذن الله-، وهذه سنة الله معهم، وقد حدثت في واقعتين ذكرهما القرآن في قوله -تعالى-: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا. عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) (الإسراء: 4-8).
وبعد ذلك عُدتم؛ فروَّعتم أهلَ فلسطين، وقتلتم وأهلكتم الحرث والنسل، ولكن أمتنا كانت غارقة في ما أغرقه به أولياؤكم من الإنجليز مِن: العالمانية، والتشكك في الدِّين، والانسلاخ من الشريعة؛ فلم تكن مستحقة لنصر الله لها، ولكن لما زاد تجبركم وطغيانكم؛ كان هذا موقظًا للإيمان في القلوب، وكانت هزيمتكم الساحقة في يوم عيد غفرانكم في "حرب العاشر من رمضان" يوم فررتم أمام صيحات: "الله أكبر"؛ التي ملأ بها جنودنا الآفاق؛ رغم الفرق الشاسع في العتاد والاستعدادات، ورغم وجود خط بارليف!
فلا يعرنكم ما تمر به الأمة الإسلامية من أزماتٍ، وما يتعرَّض له تدين كثير من أبنائها من انتكاسات، واعلموا أن الله على كل شيء قدير، ولعله أن يجعل من طغيانكم سببًا في عودة الأمة إلى ربها، والله حسبنا ونعم الوكيل.
ونذكِّر المسلمين في جميع بقاع الأرض أن المسجد (بكامل مساحته البالغة 144 دونمًا) هي مسجد للمسلمين، وقد قامت وزارة الخارجية المصرية مشكورة بالتنبيه على ذلك في بيانها الصادر عقب الانتهاكات التي قام بها اليهود في عيدهم المُسَمَّى بعيد الغفران والممتدة إلى الآن.
وهذا أمر في غاية الأهمية أن يتذكره المسلمون في كلِّ أنحاء العالم: أن قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة على ظلمه؛ فإنه يقتضي أن يكون المسجد بكامل مساحته وَقْفًا إسلاميًّا، ومسجدًا لا ينبغي الاقتراب منه.
وننتظر مِن العَالَم الذي أصدر هذه القرارات، والذي يزعم احترام القانون الدولي أن يتحرك ضد هذا العدوان، إن كان يريد أن يحتفظ بشيء من ماء الوجه!
ولا بد من ردود فعل رسمية وشعبية تبيِّن للصهاينة أن المسجد الأقصى هو قضية جميع المسلمين، نسأل الله أن يرده إلينا ردًّا جميلًا.
الدعوة السلفية بمصر
الخميس 19 ربيع الأول 1445هـ
4 أكتوبر 2023م