الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
حسن نصر الله يقود كتيبة من المقاتلين الشيعة تحركهم إيران بخاصية التحكم عن بعد، فإذا ما احتاجت إيران إلى ورقة تفاوضية مع أمريكا في ملفها النووي اكتشف حسن نصر الله فجأة أنه مرابط على حدود العدو الصهيوني وأن قواعد اللعبة بينه وبينهم بالاكتفاء بإرسال بعض الصواريخ كل فترة على مواقع عسكرية إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، لا بد أن تتغير إلى مواجهة أكثر إيلاماً، ويخرج علينا حسن نصر الله في كامل زينته وعبر قناته الفضائية يعلن أن قواعد اللعبة قد تغيرت. لم؟ وكيف؟ ولماذا الآن؟ وما هي حسابات المكسب والخسارة؟ من يدفع الفاتورة؟ ومن يجني المكسب حال وجوده؟ أسئلة لن يجد أحد فرصة لكي يسألها في ظل الضجيج الإعلامي الذي صاحب هذه الأحداث.
يخرج مقاتلي حزب الله في مناطقهم الجبلية يطلقون عدداً من الصواريخ على المدن الإسرائيلية، تحدث قدر محدود من الخسارة البشرية وبعض الخسائر المادية، فترد إسرائيل بحملة طيران على مواقع حزب الله.
مقاتلي حزب الله قد عادوا إلى خنادقهم من جديد والقادة لم يخرجوا من الخنادق أصلاً.
إسرائيل تعلن مقتل عدد من قادة حزب الله، حزب الله يطمئن الأمة أن قادته بخير.
الطيران الإسرائيلي يضرب الجسور، يدمر البنية التحتية، يقصف المدنيين، القتلى في صفوف المسلمين بالعشرات يومياً والجرحى أكثر من ذلك واللاجئون بعشرات الآلاف وكل مصيبة بعد نجاة حسن نصر الله من الغارة الإسرائيلية التي استهدفته جلل.
أي موازين هذه؟ وأي عقول تلك؟ ومن يحمل لواء هذه الدعوات إنها الجرائد القومية، والعلمانية التي ما فتأت تطعن في كل حركات الجهاد السني.
إنهم نفس الذين أقاموا الأفراح وعلقوا الزينات لمقتل أبو مصعب الزرقاوي لأنه من وجهة نظرهم مسئول عن كل قطرة دم أريقت في العراق، وعلى الرغم من الخلاف المنهجي بيننا وبين الزرقاوي في تساهله بدماء المسلمين في سبيل إلحاق الأذى بالكفار أو عدم ضبط مسائل التكفير بالضوابط الشرعية، إلا أن الرجل لم يبدأ في قتال مع الأمريكان إلا بعد دخولهم بلاد المسلمين وبعدما عاثوا فساداً في الدماء والأعراض، فضلاً على أن الرجل لم يقد المعركة عن بعد بل كان في قلبها حتى سقط فيها نسأل الله أن يبلغه مراتب الشهداء وأن يغفر له الله وخطأه، فلماذا يعتبر هؤلاء الزرقاوي مسئولاً عن كل قطرة دم أريقت في العراق ولا يعتبرون حسن نصر الله مسئولاً عن كل قطرة دم أريقت إلا كرد فعل لمقامراته لحساب إيران؟
بل ها هو شامل باسييف القائد الذي قدم صورة من الجهاد لا يختلف على مشروعيتها اثنان ـ إذا استثنينا من يشترطون إذن بوتين طبعاً ـ قدم عقيدة سلفية نقية ـ انضباط في أحكام القتال ـ تمايز في الصفوف ـ تورع عن دماء المسلمين بل وعن دماء المنافقين درءاً للفتنة، ولما أراد أن يتحيز حفاظاً على أرواح المدنيين أرسل إخوانه المجاهدين إلى الجبال، بينما قاد هو بنفسه الكتيبة التي قاتلت في أنفاق جروزني إشغالاً للعدو عن إخوانه ثم قاد عملية تحيز مبهرة جرح خلالها وبترت ساقه، فأعلنت روسيا موته استعجالاً لموته إلا أنه كان ما زال له عمر في الجهاد، حتى لقي ربه ـ عز وجل ـ وهو فوق الأربعين من عمره بقليل نسأل الله أن يتقبله عنده في الشهداء، ومع ذلك فأمثل الإعلاميين طريقة هو من ذكر خبر مقتل قائد المقاتلين الشيشان على استحياء دونما جلبة ولا ثناء، وبعضهم يراه هو الآخر مسئولاً عن دماء الأبرياء التي أريقت.
سبحان الله لماذا يزن الإعلاميون بميزانين ويكيلون بمكيالين؟
أهو بريق المسجد الأقصى، رغم أن القاصي والداني يعلم أن بين حزب الله وبين السعي إلى المسجد الأقصى أبعد ما بين إيران وبين السعي إلى البيت الأبيض؟ أم هي أمور أخرى يجيد الشيعة توظيفها؟