الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالشباب محط آمال كل أمة مِن أمم الأرض؛ سواء كانت مسلمة أم غير مسلمة، متطورة أم غير متطورة، قديمة أم حديثة؛ ولذلك فإن كل أمة تضع في أولويات اهتماماتها: العناية بالشباب، والتركيز على كل ما مِن شأنه إصلاحهم والاستفادة مِن قدراتهم، ولا شك أن الحديث عن الشباب من الأهمية بمكان، ولا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات بطرائقها ووسائلها وأشكالها المختلفة، وتعددت فيه الملهيات بفنونها وقنواتها، ومجالاتها المتنوعة؛ لذلك التقت "الفرقان" مع الشيخ "مصطفى دياب" (عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، وأحد المتخصصين في البرامج وطرق التعليم، وعلم النفس التربوي) في هذا اللقاء، والحديث عن واقع الشباب والتحديات التي تواجههم.
1- كيف تقيِّمون واقع الشباب اليوم؟
أرى أن الشباب اليوم منهم المحب لدينه وإسلامه، المقبل على طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، الواضح الرؤية في أمر دينه ودنياه؛ فهو يعتز بدينه، ويريد أن يتعلمه ويعمل به، ويتمسك بما يتعلم، وهذا في هذا الزمان شاب متميز وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقابض على الجمر، كما في قوله الشريف -صلى الله عليه وسلم-: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ، كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
ومِن تميّزه بشَّره النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه تحت ظل عرش الرحمن، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه)، فذكر -صلى الله عليه وسلم-: (وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ).
بل والأكثر من ذلك أن الله يباهي بهذا النمط مِن الشباب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ) (رواه أحمد وأبو يعلى، وصححه الألباني)، فهنيئًا لهذا الصنف من الشباب، ثبتهم الله وجعل شباب المسلمين منهم.
ومنهم المحبط والمدمر الذي لا يهتم بأمر دينه ولا ديناه، بل يرى أن الحياة لا فائدة منها، وليس عنده أمل في النجاح في الدنيا أو النجاة في الآخرة، ومع ذلك يزداد بعدًا عن طريق الله -سبحانه وتعالى-، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه:124-126)، فهو ليس له رؤية واضحة ولا أهداف دينية أو دنيوية، فهو يتخبط في المعاصي والذنوب من باب إلى باب، ويقصِّر في الفراض والواجبات، فنسأل الله لهم العفو والعافية، والهداية إلى الطريق القويم.
ومنهم الذي لا يبالي، فهو يعيش في الحياة كما تعيش سائر الكائنات بلا هدف ولا هوية؛ فتارة تجده في العبادة، وتارة أخرى تجده في الانحراف والضياع؛ يعيش للذة الدنيا، أيام يقضيها ويدَّعي أنه يعيش متعة الشباب! ولم يعلم المسكين أن المتعة واللذة الحقيقية في ركعة أو سجدة أو آية يقرؤها أو دعوة في جوف الليل أو عمل خير يقوم به، أو قربة يتقرب بها إلى الله -عز وجل-.
إنه لم يسمع قول عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، ولم يعلم بهمته العالية وحرصه على طاعة الله وعبادته والتقرب إليه، قال -رضي الله عنه-: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ، وَأَنْ تَمَلَّ، فَاقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ). فَقُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ: (فَاقْرَأْهُ فِي عَشْرَةٍ) قُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ: (فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ) قُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، فَأَبَى. (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
فهذه هي المتعة الحقيقية، واللذة الباقية، هداهم الله إلى سواء السبيل.
2- لو أردنا رصد لأهم المشكلات التي يواجهها الشباب اليوم، فماذا تقول؟
أقول: المشكلات أصبحت تتمركز حول محورين رئيسين:
الأول: الشبهات.
والثاني: الشهوات.
أولًا: الشبهات:
بعض الشباب لأنه لم يتعلم العلم الشرعي ولم يتعرف على أصول الدين، ولم يدرس شيئًا عن القضايا الفكرية مِن منظور سلفي؛ فإنه يقع فريسة للجماعات الفكرية المنحرفة: كالدواعش والتكفيريين، ونحوهم.
وبعض الشباب يكون عنده حب للدين ونصرته، فيتعرض للمواقع التي يتبناها الملحدون، وليس عنده بناء علمي عقدي قوي؛ فيتأثر بالشبهات التي يلقونها عليه، فنقول لهذا الصنف: تعلم أولًا ثم ادخل وناضل، وانصر دينك.
وبعض الشباب كذلك يسمع للمستشرقين الجدد "ممَن هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا"، الذين يطعنون في الدين، ويشككون في أصوله وثوابته، ويحاولون التشكيك في الكتاب والسنة ومَن نقلوهما إلينا؛ فيطعنون في الصحابة الكرام كأبي هريرة -رضي الله عنه- أو يطعنون في الكتب الصحاح: كصحيح البخاري!
وعلاج ذلك: أن يقبِل الشباب على تعلم العلم الشرعي من الكتاب والسنة أولًا قبل أن يستمعوا لأمثال هؤلاء، وإلا فإن تركهم لهؤلاء وعدم الإنصات إليهم أولى؛ حتى لا يعرضوا أنفسهم للفتنة.
ثانيًا: الشهوات:
وهي الأكثر انتشارًا وإفسادًا لأخلاق الشباب ودينهم، فكم من شابٍ ترك صلاته وعبادته؛ لأنه وقع في ممارسة العادة السيئة، أو المواقع الإباحية، أو الشذوذ الجنسي (اللواط أو الزنا)، وكثير مِن الشباب يقع في العلاقات المحرمة باسم: (الحب الصادق أو الصداقة البريئة)؛ فليتذكر الشباب أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات.
وليعلم الشباب أن الله معهم أينما كانوا، لا يخفى عليه -سبحانه- شيء في الأرض ولا في السماء، (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان:16)، وقال الله -سبحانه وتعالى-: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (العلق:14)، وقال -عز وجل-: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ) (المائدة:94).
3- ماذا تقول عن شباب اليوم وتحملهم المسئولية؟
مِن الشباب مَن يعد نفسه لتحمل المسئولية الدينية والدنيوية؛ فيتعلم ويعمل ويدعو، فيتغير للأفضل، ويطالع أحوال الأمة، ويرى في نفسه داود العصر (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ) (البقرة:251)؛ يرى أنه مَن سيحدث التغيير المنشود، ويرى أن الأمة تنتظر داود الداعي، والعالم والمعلِّم، والمخطط والقائد، والكاتب، والمجاهد، والعابد، داود المشاريع الإصلاحية والخدمية.
ومِن الشباب مَن يحمل همَّ الدين على عاتقه، ويتردد في أذنيه صوت الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانَكُمْ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني)، ويسمع صوت الصدِّيق -رضي الله عنه- ينادي: "أينقص الدين وأنا حي؟!"؛ فيشتعل قلبه حماسًا وعملًا، وبذلًا لهذا الدين.
وهناك صنف آخر مِن الشباب -للأسف- غابت هويتهم، وتغيرت اهتماماتهم؛ فأصبح شغلهم الشاغل أن يضعوا في سيارتهم علم أمريكا أو إنجلترا أو غيرهما!
فهم لا يفكرون إلا في المأكل والمشرب والملبس، والخروجات والشهوات، والنت والبنات؛ ولا يعرفون شيئًا عن المسئولية؛ لا مسئولية الدين ولا مسئولية الدنيا؛ فهؤلاء للأسف عالة على الأمة، وإن كانوا أغنى أغنياء الدنيا.
4- ماذا عن اهتمامات الشباب اليوم في ظل الانتشار الهائل لمواقع السوشيال ميديا والتكنولوجيا الرقمية؟
للأسف الشديد أرى أن شريحة كبيرة من الشباب انصرفت إلى السماء الزرقاء والفضاء الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا؛ فمنهم مَن أدمن الألعاب، بل وأصبح يقامِر من خلال هذه الألعاب (بيع وشراء وهمي)، وصار مِن الشباب مَن لا يترك الموبايل حتى يسقط مِن يده مِن غلبة النعاس؛ لا يتركه لمذاكرة مثلًا أو صلاة أو قرآن أو طعام أو نوم؛ بل أصبح الأمر إدمانًا؛ هذا على مستوى الألعاب بأنواعها فقط، أما إذا تكلمنا عن الفيس بوك والليكات، واليوتيوب واليوتيوبر؛ فإنه هوس!
حقًّا إنه هوس السوشيال ميديا!
وكم أفسدت التكنولوجيا الرقمية من حياة الأسرة؛ فقد يرسب الشاب، وتطلق المرأة من زوجها بسبب انشغاله عنها بالسامسونج!
وأنا لا أحارب التكنولوجيا، وإنما أطالب بالاستفادة منها فيما ينفع البشرية، وإذا طالعت إحصائية يسيرة لتقف على نسبة مَن يستخدمون التكنولوجيا من الشباب في أغراضٍ نافعةٍ فسوف تصيبك الصدمة.
فانظر إلى الأعداد التي تدخل إلى المواقع الإباحية الهابطة!
وانظر إلى الأعداد التي تقضي يومها على اليوتيوب!
وانظر إلى الأعداد التي لا تترك لعبة على النت حتى تصل إليها وتدمنها!
إننا حقًّا نعيش في كابوس التكنولوجيا الرقمية.
ربما يكون العيب في مجتمعاتنا التي لم تحسِن استخدام ذلك، ولم توجِّه الشباب لحسن استخدام واستغلال تلك الوسائل الحديثة، وإلا فإن غيرنا استفاد مِن التكنولوجيا ليصعد على سطح القمر، ويسيطر على الأقمار الصناعية حول كوكبنا، وغير ذلك كثير.
5- ما هي أهم فترات الشباب التي ينبغي الاعتناء بها في نظرك؟
أرى أن أهم فترة يجب الاعتناء بها هي فترة المراهقة (من بداية 12 سنة إلى 18 سنة)، وهي أخطر المراحل وأهمها وأكثرها إشكاليات، وأكثرها حاجة إلى الدراسة والتوجيه؛ لأنها مرحلة بناء الشخصية السوية -بإذن الله-، فالشباب هم مستقبل الأمة، وأمة لا شباب لا مستقبل لها.
ومرحلة المراهقة ليست مرحلة طيش وانحراف كما يعتقد البعض، لكنها مرحلة التدرج نحو النضج، وهي سن العطاء والبذل، والعطف والتعاطف، والحب والود، وكل خير، ويمر الطفل مع بداية بلوغه بسلسلة كبيرة من التغيرات الفسيولوجية، فيحدث النضج الجمسي والجنسي، والعقلي والنفسي، والاجتماعي والوجداني.
وللأسف فإن كثيرًا من الآباء والمربين يهتمون فقط بمظهر الجسم ونموه لدى أبنائهم، ولا يهتمون لباقي جوانب النمو التي تشكِّل التغير الكبير في السلوك.
وفي الحقيقة: إن المراهق نفسه يعيش جوًّا صعبًا من الناحية النفسية، فهو يمر بمراحل نمو وتغيرات لا يعرف عنها شيئًا، وتظهر لها حاجات يريد أن يلبيها، ولا يعرف لذلك سبيلًا صحيحًا، فتكثر في حياته الاضطرابات لقلة الخبرة ونقص التوجيه من جهة، وضعف المعايشة وسيطرة رفقاء السوء من جهة أخرى.
وهذه المرحلة هي مرحلة بناء الشخصية السوية، وهي مرحلة البذر والزرع والحصاد، وسرعان ما تمر وتزول ربما دون توجيه فيخسر الشباب.
فعلى الآباء والمربين أن يعلِّموا الشباب أن يدَّخِروا من شبابهم لشيخوختهم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني). (الشِّرَّةُ): النشاط والرغبة في العمل. و(الفَترة): السكون بعد الحركة، واللين بعد الشدة.
وفي الأثر عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "إذا كان العبد في شبابه كثير الصلاة كثير الصيام كثير الصدقة ثم ضعف عما كان يعمل في شبابه؛ أجرى الله له ما كان يعمل في شبابه" (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (التين:6).
ولقد امتدح الله -عز وجل- هذا النموذج من الشباب الذين لا ميل لهم إلى الهوى لتعودهم واستقامتهم على الطاعة، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما مر في الحديث معنا: (إِنَّ اللَّهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ) (رواه أحمد وأبو يعلى، وصححه الألباني).
إن الشباب يحتاجون للحب والتوجيه، والإرشاد بلطفٍ ورفقٍ، وإدراك لخصائص مرحلتهم، وحسن التعامل مع تلك الخصائص؛ فإنهم كنوز المستقبل.
6- كيف يمكن حماية الشباب من هذا التيار الجارف من الأفكار المنحرفة سواء الفكرية أم الاعتقادية؟
كما ذكرنا سابقًا من أن الفتنة التي يتعرض لها الشباب على محورين: محور الشبهات، ومحور الشهوات.
فأما المحور الأول: (الشبهات): فالتغلب عليه -بعد توفيق الله تعالى- يكون بالعلم وإزالة الجهل، فإذا أردنا حماية الشباب؛ فيجب أن نرتب لهم المدرسين الأكفاء المتميزين الذين يحسنون عرض القضايا الفكرية والعقائدية بصورة عصرية سلسلة لا تخرج عن الطابع السلفي، ولكن تستخدم إستراتيجيات التدريس الحديثة، مع توفير التقنيات المتطورة، وتكثيف أنماط التعلم، التي تكون مِن خلال الدراسة المنهجية المنتظمة (معاهد أو حلقات) أو الدورات العلمية المكثفة، أو المحاضرات العامة، أو جلسات الحوار والنقاش، أو من خلال مسابقات البحوث أو التثقيف التتابعي (قليل ومستمر، مثلًا 5 دقائق يوميًّا).
ومِن الضروري جدًّا: الاهتمام بمناقشات الشباب، والسماع إلى الشبهات التي عندهم، والإجابة عليها دون ملل.
وأما المحور الثاني (الشهوات): فيُتغلب عليه -بفضل الله تعالى- بتربية الشباب على مراقبة الله سبحانه وتعالى ومحبته ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والارتباط بأهل الخير والرفقة الصالحة، والانشغال بالطاعات وأعمال الخير والبر؛ فإن نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
7- كيف ترى العلاقة بين التدين والتفوق الدراسي؟
لا تعارض نهائيًّا بين التدين السليم والتفوق الدراسي، فإن الالتزام بقواعد وأصول وأوامر الشرع الحنيف تحمل الشاب للتعود على عاداتٍ حسنةٍ، فالصلاة تعوده النظام والانضباط والتركيز، والصيام يدربه على الإرادة العالية، وكبح زمام النفس، والصدقة تعوده على الخروج من الأنانية للنفع المتعدي.
والمسلم يخرج مع تسليمه من الصلاة إلى محراب الحياة، وصلاته وحياته كلها لله -عز وجل-، قال الله -سبحانه وتعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162-163).
والمسلم يحافِظ على أن يكون دائمًا متميزًا، نافعًا لنفسه ولغيره، وهذه نفسية وعقلية ذي القرنين؛ عقلية الإصلاح والعمران، وسد الثغرات على الشيطان.
وعمومًا، فالطالب المتدين يحمله تدينه وعبادته على الحرص على التفوق لتحصيل العلم، ونفع نفسه وأمته، كما يحمله بره لوالديه على التفوق والتميز.
والطالب المتدين يحسن التنظيم لوقته وحسن الاستفادة مِن معلمه وكتبه، كما أنه لا يبخل بتعليم غيره من أصحابه وزملائه الذين لم يستوعبوا الدرس من المعلم، فالتدين الصحيح السليم يدفع إلى التفوق ولا شك.
والأمثلة على المتدينين المتفوقين كثيرة في حياتنا؛ فالطالب الذي يحفظ القرآن عن ظهر قلب؛ كيف يصعب عليه أن يحفظ ويفهم بعض العلوم الدراسية؟!
والطالب الذي يتعلم الآداب والأخلاق والسلوك الإسلامي كيف له أن يصعب عليه دراسة بعض الفلسفات أو النظريات (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) (البقرة:282)؟!
8- ما هي أسباب التفوق الدراسي مِن وجهة نظرك؟
1- توفيق الله -عز وجل-؛ فالتوفيق كالغيث نطلبه بالدعاء والطاعة لرب العباد، والقيام بالواجبات وترك المنكرات، وإقامة الصلوات.
2- البُعد عن غضب الله، وحفظ النفس على كل حال، وتقوى الله في السر والعلن، والحذر من ذنوب الخلوات؛ فإنها أثرت وعثرت.
3- الحرص على بر الوالدين، وطاعة المعلمين في المعروف.
4- المواظبة على الدراسة وعدم التغيب.
5- الحرص على إتمام الواجبات، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فالواجبات والتحضير يكون أولًا بأول.
6- ضع جدولًا للمذاكرة أولًا بأول، على أن تراعي فيه صلواتك وعبادتك.
7- رتب أولوياتك؛ فلا تهدر وقتك، وابدأ بالأهم في بداية يومك ونشاطك.
8- لا تضغط على نفسك، وإذا شعرت بالملل؛ فغير المادة التي تدرسها إلى مادة مسلية أو أيسر، وهوِّن على نفسك، فالتركيز مهم.
9- كافئ نفسك عند إنجاز جدولك أو بعض واجباتك.
10- خصص وقتًا للترفيه وممارسة هوايتك دون إسراف (ساعة مثلًا)، فإنك تحصل بذلك على طاقة إيجابية.
11- استمتع بيوم إجازة (FREE) كل أسبوعين مثلًا مع الأسرة والأصدقاء.
12- احذر من أصدقاء السوء؛ فاختر صحبة صالحة، وكن معهم تتناصحون في الخير، وتتقدمون في الدراسة سويًّا، وعرِّف أسرتك عليهم.
13- وأخيرًا:
الإدارة الناجحة للوقت، وذلك من خلال:
أ- مراجعة أهدافك (لماذا أذاكر؟ ولماذا أتفوق؟).
ب- احتفظ حتمًا بخطة زمنية لما تود تحقيقه.
ج- اصنع قائمة بالإنجازات اليومية (دراسية وحياتية).
د- سد منافذ الهروب (النت - الأصدقاء - أي شواغل جانبية).
هـ- استغل الأوقات الهامشية (الأوقات البينية).
وتذكر أن:
أ- أهم عناصر النجاح هو تحديد الهدف، وتنظيم الوقت؛ فتحديد الهدف يساعدك على اتخاذ الطريق الصحيح للوصول إليه، وتنظيم الوقت يساعدك على سرعة الوصول إليه.
ب- الوقت لا يتمدد ولا يتوقف ولا يرجع للخلف، بل يتحرك إلى الإمام بقدر الله، والذي يمكننا فعله هو استغلالنا للوقت أثناء جريانه.
ج- إن الاستفادة من الوقت هي الفارق بين الناجحين والفاشلين.
مع أطيب الأمنيات بالتوفيق.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.