كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن أهمِّ العوامل والسمات الشخصية التي تؤثر في نجاح المسئول الإصلاحي هو حسن سمته الأخلاقي، وحسن تعاملاته السلوكية مع الدوائر الاجتماعية المحيطة به، والتي يتعامل معها بشكل دوري ويؤثر فيها.
ومن تلك الدوائر المهمة:
- دائرة الأفراد المحيطة به في محيط سكنه أو عمله؛ مِن: الزملاء والجيران وأهل الحي؛ هذه الدائرة المكانية القريبة من المسئول الإصلاحي هي المؤشر الأول في نجاحه الدعوي وقبوله المجتمعي، وهذه الدائرة تحتاج من الفرد الصادق في تحقيق العبودية إلى حسن التفاعل المجتمعي من حيث التواجد الخدمي، والإصلاح بين الناس، والتعليم والتعلم، والمواساة في المدلهمات والأحزان، والمشاركة في المناسبات والأفراح.
وهذا التفاعل المجتمعي لا بد أن يُبنى على قاعدة الإحسان لا على قاعدة المقابلة، وعلى التعامل مع الناس بالفضل لا بالعدل.
فالإحسان الذي هو أن تعبد الله كأنك تراه؛ سيكون في باب المعاملات هنا بمعنى: أن لا تكون معاملاته من باب المقابلة وأداء الواجب فقط؛ فيكرم من يكرمه، ويصل من وصله، ويعطي من أعطاه، ويبذل لمن بذل له، بل ستكون من باب العطاء والبذل من أجل رضا الله وحده، وتحبيب الناس في دين الله؛ فـيصل مَن قطعه، ويعطي مَن حرمه، ويبذل المعروف لمن أساء إليه، مستشعرًا في ذلك لذة العطاء -ولو كان بلا عوض-، مستشعرًا في ذلك استجلاب محبة الله كما قال -تعالى-: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195).
فمحبة الله -عز وجل- هي أولى الغايات، وأعظم الواجبات، وهي خيرٌ مِن أي عطاء دنيوي أو عوض بشري، وهي سبب للنجاح في المسار الإصلاحي المحقِّق للسعادة والهناء الأبدي.
ثانيًا: المتطلبات المهارية اللازمة للمسئول الإصلاحي:
المسئولية -كما أوضحنا في التعريفات السابقة-: هي حالة يكون فيها الإنسان صالحًا لأداء أعماله والمؤاخذة عليها، وملزمًا بتبعاتها المختلفة؛ لذلك فالمسئول الإصلاحي يحتاج إلى زيادة نموه المهاري المستمر بالقراءة والتعلُّم الدائم في مجالات الأعمال الدعوية، والإدارية والفنية المنوطة بعمله الإصلاحي، مع فاعلية التدريب الدائم واللازم في مجالات عمله ومسئولياته.
فالمسئولية الإصلاحية الناجحة ليس من مقوماتها ابتداءً مراعاة الأقدمية دون نظر إلى المهارات والسمات الشخصية، ولا يمكن أن تستمر بالذكريات التاريخية، بل تستمر وتنمو وتزداد بزيادة البناء المهاري الفني المستمر مع التحلي بالسمات الشخصية اللازمة للاستمرارية، حيث يعد ذلك من أكبر وسائل جذب والتفاف الناس حول المسئول؛ فكما قيل: "مَن لا ينمو يضمحل".
والمسئولية ليست تشريفًا نظريًّا، بل هي تكليف عملي يحتاج صاحبها أن يحرص على تحصيل مقومات نجاحه في مهامه وواجباته.
لذا يحتاج المسئول الإصلاحي إلى عِدَّة مهارات؛ منها:
أ- الإلمام بالوظائف الإدارية الأساسية والحرص على نشرها وتفعيلها: من الأمور التي قد تهدِّد استمرارية وفاعلية أي كيان إصلاحي هو عدم إدراك الأفراد العاملين فيه -لا سيما القادة والمسئولين- للوظائف الأساسية للعمليات الإدارية التي تمارس بغرض تحقيق نتائج إصلاحية إيجابية أو الاكتفاء بتلك المعرفة للبعض دون الآخر؛ مما يتسبب في وجود تفاوتات في أداء الأفراد والمسئولين داخل الهياكل الإدارية العاملة، بل قد تظهر في بعض الأحيان مقاومة عنيفة من البعض في الاستجابة لتنفيذ تلك الوظائف الإدارية المطلوبة مما يؤدي إلى حدوث اختلافات حركية بين الأفراد في ذات الكيان أو الهيكل الإداري العام تتشتت معها الجهود وتُهدر معها الأوقات وتضعف بسببها النتائج.
لذا فإن من المهارات اللازمة للمسئول الإصلاحي الناجح أن يكون هو في نفسه عنده مؤهلات معرفية وعملية قوية بوظائف الإدارة؛ ليس ذلك فحسب، بل يحتاج إلى العمل على نشر تلك الثقافة الخاصة بوظائف العمليات الإدارية عند جميع المدراء والعاملين معه سواء بسواء حتى يتعاون الجميع كلٌّ في دوره في منظومة متناسقة مثمرة.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.