كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
إجراءات مهمة داعمة داخل دائرة الأسرة:
فهذه الدائرة من الأهمية بمكان، وتحتاج من المسئول عِدَّة إجراءات مهمة تساعده في الوصول بهذه الدائرة إلى مسارات الدعم له، ومن ذلك:
1- إشعار المسئول الأسرة بأهمية مسئولياته الدعوية، وعظم أجر ذلك، وحاجة الأسرة ككل للعمل لخدمة الغاية الكبرى التي من أجلها خُلِقنا، وهي تحقيق العبودية.
2- أهمية كفاية الأسرة بضروريات حياتهم، وحاجياتهم اللازمة لتسهيل أمور معيشتهم؛ فيحتاج المسئول الدعوي أن يؤمِّن لأسرته الضروريات والحاجيات اللازمة لمعيشته، فكفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّع مَن يعول، وحتى يستطيع أن يكون ذهنه مفرَّغًا في باقي وقته للعمل الإصلاحي والمسئولية الملقاة على عاتقه في ذلك؛ فالنَّفْس إذا حازت رزقها اطمأنت، لكن لا بد أن يكون ذلك مع الانتباه الشديد للتفريق بين (الضروريات - الحاجيات - التحسينيات)؛ فدائرة التحسينيات دائرة مهلكة للفرد مهما كانت ظروفه جيدة؛ فهي لا تنتهي عبر الزمان والمكان، وهي دائرة مشتتة لأي إنسان، والانشغال بهذه الدائرة -أعني: دائرة التحسينيات- لا يصلح غالبًا مع مَن اصطفاه الله لتلك المسئوليات الإصلاحية اللازمة لتحقيق العبودية، وأراد أن يؤديها بحقها.
3- ضرورة التعاهد الدوري للوالدين، والاهتمام بتلبية احتياجاتهم كأهمية كبرى في ترتيب جدول أعمال المسئول مهما كانت المسئوليات.
4- التعاهد المستمر للزوجة والأبناء، مع عمل جلسة -ولو أسبوعية على الأقل- معهم، والسماع منهم، والتحدث معهم في مشاكلهم وفي هموم الدعوة العامة ومستجداتها، والأوضاع المجتمعية ومخاطرها، فما يكون عند المصلح المحتك من إدراك للواقع لا يلزم معه أن يكون عند أبنائه وزوجته، ولا يمكن أن ينتقل لهم -عبر الأثير مثلًا- بدون مثل تلك الجلسات التعاهدية والتوجيهية.
ضبط دوائر العلاقات المجتمعية:
من أهمِّ العوامل والسمات الشخصية التي تؤثر في نجاح المسئول الإصلاحي هو حسن سمته الأخلاقي، وحسن تعاملاته السلوكية مع الدوائر الاجتماعية المحيطة به، والتي يتعامل معها بشكل دوري ويؤثر فيها.
ومن تلك الدوائر المهمة:
دائرة الأفراد المتعاونين معه تحت نطاق مسئوليته أو في نطاق عمله الإصلاحي:
تحتاج هذه الدائرة إلى توطيد العلاقات الأخوية الإنسانية؛ لا سيما وأن العمل الإصلاحي عمل تطوعي وليس إلزاميًّا -بمعنى أنه ليس وظيفة يُؤخذ عليها أجر مادي-، وذلك بأن يحرص المسئول على تأدية حقوق الأخوة الإيمانية تجاه إخوانه من فريق عمله، مع الاهتمام والحرص على التفقد لهم ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وعدم الاكتفاء بالجلسات الإدارية الرسمية الدورية، بل يحتاج المسئول -ولو على فترات- إلى عقد جلسات ودية -فردية أو جماعية- مع فريق عمله؛ لبثِّ الهموم الحياتية أو الشخصية، مع تبادل النصائح اللازمة لتخفيف الهموم وإيجاد الحلول، مع بثِّ الأمل وجبر الخواطر.
وهذا النوع من الاهتمام الذي يجب أن يحرص عليه المسئول يساعده -بلا شك- في إدارة فريق عمله بحب وتناغم -كنوع إدارة يمكن أن نسميه بـ(الإدارة بالحب)-، ويكسبه ذلك -بلا شك- الدعم المعنوي، والاستقرار النفسي القوي اللازم للاستمرارية في تحقيق النتائج الإصلاحية المرجوة.
وفي هذا الصدد؛ يجب أن يحذر المسئول من أن يصيبه داء المَنِّ على إخوانه، أو أن يكون متشوفًا في نفسه إلى طلب التبجيل والوجاهة منهم مقابل ما يبذله لهم أو معهم، أو يكون ممن يتصف بداء البخل مع إخوانه، أو ممَّن يستغلهم في تحقيق مصالحه الشخصية؛ فإن هذا من أعظم ما ينفِّر الفرد من مسئوله؛ والله -عز وجل- قد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مَن هو -صلى الله عليه وسلم- من ذلك؛ فقال -سبحانه وتعالى- له في وصايا سورة المدثر التي جاءت كبيان لصفات القائم بالبلاغ اللازم لنشر العبودية: (وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (المدثر: 6).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.