كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
يا صديقي... التغيير لا يحصل إلا بالتغيير، فـ"تغيير الأحوال لا يكون إلا بتغيير المفاهيم والأعمال"، والخلوص من الإحباط في ظل هذا الواقع المرير ليس بالعسير، فالأمر في الحقيقة يحتاج منا إلى القدرة على صناعة الإنجازات المحفزة.
ومفهوم الإنجازات المحفزة لا يلزم منها أن تكون مِن أول وهلة كبيرة وجماعية وممتدة، بل قد تكون فردية صغيرة، لكنها متكاملة ومنتظمة ومؤثرة في الدائرة المحيطة بنا.
ففاعلية المجموع وتأثيره تأتي من فاعلية الأفراد وتعاونهم، وعندما لا يقوم كل فرد بدوره على أتم وجه، لا تنتظر من أي كيان أو أمَّة أن تكون أمَّةً فاعلةً أو مؤثرةً.
وإحداث التغير في الواقع يا صديقي، يحتاج منا أن ندرك الفرق الكبير بين دوائر الاهتمام ودوائر التأثير؛ فدوائر الاهتمام أوسع بكثيرٍ مِن دوائر التأثير، ودوائر التأثير هي اللبنة الأولى في التغيير، فلا ينبغي أن تطغى دوائر اهتمامك على دوائر تأثيرك.
فـنحن سنؤجر -بإذن الله- على الهم الذي ينتابنا من النظر في دوائر الاهتمام، لكننا سنسأل قطعًا عن دوائر التأثير التي فرطنا فيها.
يا صديقي... اهتم بقضايا المسلمين في العالم من حولك، لكن كن على يقين أن التغيير لن يأتي إلا باهتمامك الحقيقي بدوائر التأثير من حولك.
فـمشروع تغيير العالم -كما قيل- قد يأتي من إيصال أقلام الرصاص وألواح القرآن لأطفال المدارس في أقصى ربوع إفريقيا، فهذا ما قد يُستطاع من البعض الآن، والله -عز وجل- لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها، وهو الذي يبارك في الأعمال ويدبر الأكوان.
فإياك أن تحبط يا صديقي أو تيأس، أو تظن أن ما يمكنك فعله من خير في دائرة التأثير ما هو إلى قطرة في بحر الإحباطات في دوائر الاهتمام؛ فهذا ليس بصحيح.
فالبحر يا صديقي ليس إلا كمًّا من القطرات، وكلما زادت قطرات الخير وتجمعت فيه، كلما تغيرت المخرجات.
يا صديقي... ليس حتمًا أن نرى نتائج التغيير، فقد نموت قبل أن يحدث المراد، ويأتي مَن يكمل المسير ممَن صنع في دوائر التأثير، ولا نراه.
ألم يكن صلاح الدين يومًا فسيلة من تلك الفسائل التي غرسها عماد الدين زنكي في بلدة بعيدة بالشام؟!
ثم كان ماذا؟!
كان ما أقر الله به أعين المؤمنين بعده بسنواتٍ وسنواتٍ.
يا صديقي... الواجب أن نستمر في غرس الفسيلة لا أن نتعلق برؤية النتيجة، فتلك هي الوظيفة التي انتُدبنا لها؛ لننال بها الريادة، والسعادة في الدنيا والآخرة.
فـانتبه يا صديقي.