الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان (1-3)
الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان
كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فهذا عرض لكتاب: "الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان" للعلامة: بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله-، نعرضه لقرائنا الكرام؛ ليكونوا على بصيرة من الدعوات إلى زمالة الأديان أو وحدتها أو الحوار بينها، وحكم الدعوة إليها، وحكم من يعتقدها، أو يسارع فيها بفكرة أو كتابة أو عقد مؤتمر أو غيره.
وهذه الرسالة الطيبة عرض فيها مؤلفها -رحمه الله- مقامات ثلاثة:
المقام الأول: المسرد التاريخي لهذه النظرية، وتشخيص وقائعها، وخطواتها في الحاضر والغابر؛ ليحصل تمام التصور لمحل السؤال.
المقام الثاني: في الجواب على سبيل الإجمال.
المقام الثالث: في الجواب على طريقة النشر والتفصيل بتشخيص الأصول العقدية الإسلامية التي ترفض هذه النظرية وتنابذها.
أما عن المقام الأول، فيقول عن هذه النظرية:
"إنها نظرية اليهود والنصارى، وهي حديثة بصُنع شعاراتها، والعمل مِن أجلها على كافة المستويات -كما سيأتي- لسَحب المسلمين عن إسلامهم، لكنها قديمة عند اليهود والنصارى في كوكبة تدابيرهم الكيدية ومواقفهم العدائية للإسلام والمسلمين.
وبتتبع مراحلها التاريخية وجدتها قد مرَّت في حِقب زمانية أربع هي:
1- مرحلتها في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-: قد بيَّن الله -تعالى- أن اليهود والنصارى في محاولة دائبة لإضلال المسلمين عن إسلامهم، وردهم إلى الكفر، ودعوتهم إلى اليهودية أو النصرانية.
قال -تعالى-: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:109)، وقال -تعالى-: (وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (البقرة:135).
وهكذا في عدد من آيات الله، يتلوها المسلمون في كتاب الله، ليحذروا الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم، فخمدت حينًا مِن الدهر حتى انقراض القرون المفضلة.
2- مرحلة الدعوة إليها بعد انقراض القرون المفضلة: ثم بدت محاولات أخرى تحت شعار صنعوه، وموَّهوا به على الجهال، وهو: "أن الملل: اليهودية والنصرانية والإسلام هي بمنزلة المذاهب الفقهية الأربعة عند المسلمين، كل طريق منها يوصل إلى الله -تعالى-"(1).
ثم أخذها عنهم دعاة: "وحدة الوجود"، و"الاتحاد والحلول"، وغيرهم مِن المنتسبين إلى الإسلام من ملاحدة المتصوفة في مصر والشام، وأرض فارس، وأقاليم العجم، وغلاة الرافضة، حتى بلغ ببعضهم أن جوَّز التهود والتنصُّر، بل فيهم من يرجح دين اليهود والنصارى على دين الإسلام، وهذا فاشٍ فيمن غلبت عليهم الفلسفة منهم، وقد كشفهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مواضع من كتبه(2) في ظل "النظام العالمي الجديد"جهرت اليهود والنصارى بالدعوة إلى التجمع الديني بينهم، وبين المسلمين، وبعبارة أخرى: "التوحيد بين الماسونية، والعيسوية، والمحمدية"، باسم: "الدعوة إلى التقريب بين الأديان" |
.
3- مرحة الدعوة إليها في النصف الأول من القرب الرابع عشر: وقد خمدت حينًا من الدهر، محتجرة في صدرِ قائليها المظهرين للإسلام المبطنين للكفر والإلحاد، حتى تبنَّتْها الماسونية، وهي منظمة يهودية للسيطرة على العالم، ونشر الإلحاد والإباحية، تحت غطاء الدعوة إلى وحدة الأديان الثلاثة، ونبذ التعصب بجامع الإيمان بالله، فكلهم مؤمنون!
وقد وقع في حبال دعوتهم: "جمال الدين الأفغاني"، وتلميذه الشيخ "محمد عبده"، وكان من جهود "محمد عبده" تأليف "جمعية التأليف والتقريب" بين الأديان الثلاثة مع "ميرزا الإيراني"، وقد دخل فيها عدد من الإيرانيين وبعض الإنجليز واليهود" انظر تفصيل ذلك في كتاب "تاريخ الأستاذ الإمام 1/817-829" تأليف: محمد رشيد رضا(3).
4- مرحلة الدعوة إليها في العصر الحاضر: في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري وحتى يومنا هذا، وفي ظل "النظام العالمي الجديد"(4) جهرت اليهود والنصارى بالدعوة إلى التجمع الديني بينهم، وبين المسلمين، وبعبارة أخرى: "التوحيد بين الماسونية، والعيسوية، والمحمدية"، باسم: "الدعوة إلى التقريب بين الأديان"، ثم باسم: "نبذ العصب الديني"، ثم باسم: "الإخاء الديني"، وباسم: "مجمع الأديان"، وباسم: "الصداقة الإسلامية المسيحية"(5).
- ثم أُخرجت للناس تحت عدة شعارات: "وحدة الأديان"، "الوحدة الإبراهيمية"، "المؤمنون المتحدون"، "الديانة العالمية"، "التعايش بين الأديان".. إلى آخر ذلك.
- ثم امتد هذا الشعار إلى فكرة طبع "القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل" في غلاف واحد!
- ثم دخلت هذه الدعوة في الحياة التعبدية العملية؛ إذ أقيمت صلاة في إيطاليا يوم 27/10/1986، وفيها أَمَّ البابا "يوحنا" ممثلي الأديان الثلاثة، وهذه أول صلاة يؤم فيها كافرٌ مسلمًا!
ويتبع هذه الدعوات أساليب بارعة للاستدراج: كالتلويح بالسلام العالمي، ونِشدان الطمأنينة والسعادة للإنسانية، والإخاء والحرية والمساواة، والبر والإحسان"(6)!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قلتُ: ما زال المنصِّرون يستخدمون هذا الشعار في بلدان المسلمين في شرق آسيا مستغلين حالة الجهل والفاقة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
(2) قلتُ: وقد ظهر في زماننا من يقول بهذا الجواز وحرية الانتقال إلى دين آخر من فسقة الفقهاء وجهلة الدعاة.. وإلى الله وحده المشتكى، ثم لا غرابة أن نجد حرص الغرب على نشر كتب "ابن عربي" وغيره.. وأن تكون المناصب الدينية في بلاد المسلمين في أيدي هؤلاء المتخرجين في جامعاتهم، وإذا عرف السبب بطل العجب.
(3) قلتُ: قد وقع عدد غير قليل من المسلمين في شراكهم، ويكفيك أن تقرأ كتاب: "الروتاري في قفص الاتهام" لأبي إسلام أحمد عبد الله، لتعلم مدى تغلغلهم في بلاد المسلمين، وأن معظم المسئولين عن التعليم وغيره هم أعضاء نشطون في هذه المنظمات الماسونية.
(4) نظام استعماري غربي من وجه جديد ضد أمم وحضارات وديانة الجنوب، وفي مقدمتها: "الأمة الإسلامية"؛ يهدف إلى سلب الدين والأخلاق، وفرض التقليد والتبعية لهم في خصوصيات حضارتهم في الدين والأخلاق.
(5) قلتُ: ثم أخيرًا: "المواطنة".
(6) قلتُ: واليوم: "مواجهة التطرف".