الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فبدأت الاقتراحات تتوالى: مَنْ يَا تُرى تستحق أن تكون أرض الميعاد؟
ومن ضمن المقترحات كانت أوغندا، ورغم ما تتمتع به هذه الدولة من موارد طبيعية، إلا أنه لا يوجد سبب تاريخي واحد يربط اليهود بأرض أوغندا، فلم يظهر في أوغندا نبي من أنبياء بن إسرائيل، ولم يزُرها "في حدود علمنا" أي ملك من ملوك بنى إسرائيل، فكيف سيقنعون يهود العالم بترك أوطانهم والهجرة إلى أوغندا.
ومن الملاحظ أن هذه المشكلة سوف تصادفهم في أي أرض يختارونها!!
وهنا بدأ دور الأسطورة التاريخية في الظهور على مسرح الأحداث وبدأ التفكير جدِّيَّا في فلسطين أرض الأجداد -ليسوا بأجدادهم على الحقيقة- التي تتحدث عنها كتبهم، وتَوْرَاتُهُمْ أرض الميعاد التي تنتظر عودة ميشيا "المسيح -عليه السلام-" ليقودهم في الحرب المقدسة التي ينتقمون فيها من الأميين.
ولكن للأسف فلسطين الآن مشغولة بحوالي مليون عربي، فما الحل؟
الحل هو أن يتم طرد هؤلاء العرب من الأرض ليخلوها لليهود القادمين من جميع أنحاء العالم، فهؤلاء العرب لا حق لهم في الأرض، ووجودهم فيها عرضي مؤقت لا يُحتَج به؛ لأنها أرض الأجداد، وهم وإن سمحوا للعرب بأن يشغلوها هذه الفترة من الزمان فقد حان وقت استرداد الحقوق.
إذن هي فلسطين: "أرض بلا شعب" لليهود "الشعب الذي بلا أرض"
ولكن، ماذا نقول لأوروبا كي نقنعها بهذه الفكرة الأسطورية؟
لا عليكم مِن أوروبا؛ فَبَعْد قيامِ الثورة الصناعية التي تبعتها الثورة العلمانية ماجت أوروبا بنظريات الكفر والإلحاد، وأمست أوروبا مقتنعة تمام الاقتناع بالداروينية، فلا ربَ ولا خلقَ ولا بعثَ ولا نشورَ، فالإنسان مادة مثلُ الذهب والفضة والنحاس، وكما أن هذه المواد متفاوتة في قيمتها فالجنس الأبيض "الانجليز والألمان وشمال أوروبا" هو السيد، وهو المعدن النفيس، وصاحب المؤهلات الكبرى لإقامة الحضارة، والجنوبيون "الطليان واليونانيين" في الدرجة الثانية من الرقي، وفي الدرجة الأخيرة يأتي الغجر واليهود، هكذا تقول نظريات النشوء والارتقاء.
إذن فأوروبا مستعدة تماما لتقبل فكرة خروج اليهود منها، بل وتنتظر ذلك اليوم، وهو ما يعرفه اليهود جيدا، واستغلوه الاستغلال الأمثل لإقناع الأوروبيين بفكرة الخروج إلى أرض الميعاد.