الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 10 أبريل 2025 - 12 شوال 1446هـ

فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قبل وبعد التعديل

كتبه/ عبد المنعم الشحات

في تاريخ 28 مارس أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى حول مناصرة غزة، وأعلنها رئيس هذه الهيئة الشيخ "القرة داغي" على حسابه على تويتر، حيث وضع رابطًا للفتوى على موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ووضع ملخَّصًا لها في نقاط:

https://x.com/Ali_AlQaradaghi/status/1908152686110711818

وكانت النقطة الأولى:

(وجوب الجهاد بالسلاح ضد الاحتلال في فلسطين على كلِّ مسلم مستطيع في العالم الإسلامي).

وطارت به الكثير من المواقع الإخبارية، وقد سبق هذا فتوى "للشيخ الغرياني" مفتي ليبيا، حيث لا يخاطب الأفراد العاديين فحسب، بل يخاطب العسكريين أن يأخذوا معداتهم ويذهبوا ليقاتلوا دون إذن قيادتهم! وخاطب الطيارين المصريين والأردنيين أن يأخذوا طائراتهم ويذهبوا ليقصفوا بها العدو!

(وفي فتوى الاتحاد العالمي لما ذكر دول المواجهة ذكر مصر والأردن ولبنان، وأغفل سوريا، لا أدري لماذا؟! وأما الشيخ الغرياني فأغفل لبنان أيضًا، واكتفى بمخاطبة الطيارين المصريين والأردنيين!).

وتزامن هذا مع تصريحات تهييجية لأفرادٍ كثيرين؛ مثل: محمد الصغير وغيره، تسير في هذا الاتجاه، بل أسوأ! ومِن ثَمَّ توجَّه السائلون إلى مَن يسألونهم، فمن ذاهب لدار الإفتاء المصرية، ومن ذاهب لغيرها: هل بالفعل يجب عليه كفرد الجهاد بالسلاح أم لا؟

وممن وجَّه إليه السؤال كان الشيخ "ياسر برهامي" -حفظه الله-؛ فأجاب ببيان خطر هذا المسلك بدفع الشعوب إلى الصدام مع حكوماتهم، أو الصدام مع الكيان الصهيوني بهذه الصورة، وبيَّن شيئًا من نصيحة سابقة وجهها لحماس بشأن أهمية اعتبار المصالح والمفاسد، وفي القلب منها ما يخص المدنيين، وليس أن المدنيين خارجين منها، كما صرح بذلك غير واحد من قادة حماس.

ثم إن قناة "الجزيرة مباشر" قد نشرت جزءًا من هذا الفيديو، واستضافت ضيفًا ليعلق عليه بالنقد، وبحثوا عمن يعلق عليه من جهتنا، فاستطاعوا التواصل مع الأستاذ "جمال متولي"؛ فبيَّن -جزاه الله خيرًا- على قدر الوقت الذي أتيح له.

ومِن ثَمَّ طلبنا الدخول للبيان التفصيلي، وتم تنسيق موعد لي في ذات البرنامج "برنامج المسائية" مع الأستاذ أحمد طه، ولكنهم بدلًا من أن يخصصوا الفقرة لي للتوضيح استضافوا ضيفين آخرين؛ أحدهما: محمد الصغير، وهو جزء رئيسي من فتاوى التحريض على التكفير والعنف.

وكان من المفاجئ لي أن يقول محمد الصغير: لم نكلِّم الأفراد وإنما خاطبنا الحكومات ولم نخص حكومة دون غيرها، مع أن فيديوهاته ومنشوراته موجودة على صفحته وهو يقول هذا!

إلا أن المفاجأة الأكبر أنهم قالوا: إن فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لم يذكر فيها شيء من ذلك، إلى حدِّ قول الأستاذ أحمد طه أنه قرأ الفتوى 17 مرة لم يجد فيها هذا!

إذًا هل كلُّ مَن نسب إلى الاتحاد العالمي هذا الأمر التبس عليه الفتوى الأصلية بملخصها الذي ساقه الشيخ القرة داغي؟ (على أن اعتماد تلخيص رئيس الجهة المصدرة للفتوى شيء مقبول تمامًا).

ولكننا رأيناه في الفتوى فضلًا عن تلخيص الشيخ القرة داغي لها.

وبالرجوع إلى مواقع أرشفة الصفحات:

https://web.archive.org/web/20250329184716/https://iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=38808

اكتشفنا أن الفتوى نفسها احتوت تلك العبارة:

(وواجب الجهاد بالسلاح ضد الاحتلال في فلسطين على كل مسلم مستطيع في العالم الإسلامي).


وأن ملخص القرة داغي جاء موافقًا لنص الفتوى الأصلية، ولكن وبعد انتشار الفتوى وملخصها تم تعديلها كما هي الآن بحذف كلمة "بالسلاح" لتكون: (وواجب الجهاد ضد الاحتلال في فلسطين على كل مسلم مستطيع في العالم الإسلامي)).

https://iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=38808

 مع ملخص القرة داغي كما هو.

فإذا كان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد أدرك خطأ وخطورة تلك العبارة فعدلها؛ فكان يجب أن يقول للناصحين: جزاكم الله خيرًا، قد عدلنا ما يلزم التعديل، بل أصدر الاتحاد بعدها بيانًا (غير الفتوى) يتسم بالعقلانية الشديدة، ويبتعد تمامًا عن أي عبارة يشتم منها رائحة دعوة لتكفير أو تخوين أو صدام بين الشعوب والأنظمة.

https://iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=38821

ونحن كررنا مرارًا أننا لا نريد من بيان أي خطأ يقع فيه مجاهد إلا النصيحة له، وحبًّا في تقويم الصف، وكذلك أخطاء من يؤيدهم أو يدافع عنهم، ولكن للأسف يوجد مَن يفضل الإصرار على الخطأ أو التراجع عنه مع شتم ولمز مَن نبههم إليه!

والأخطر: أن يكون التراجع عنه في موطنٍ، مع استمرار دعم ونشر ما يماثله. كما بقيت فتوى مفتي ليبيا وما قاله محمد الصغير في وقفة تركيا دونما أي إنكار من الاتحاد العالمي؛ لا سيما أن فتواه وفتواهم صدرت كحزمة واحدة.

وعلى أي؛ فأنا أكرِّر ما قلته في تعليقي السابق على هذا اللقاء:

نحن نتمنى أن يثبُت الجميع على التخلي عن دعوات التكفير والصدام، والتركيز على حثِّ كل الناس؛ حكامًا ومحكومين ببذل غاية (طاقتهم) في نصرة أهل غزة.

والله المستعان.