كتبه/ محمد سرحان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فنستكمل في هذا المقال كلامنا عن صفات الرجولة.
من صفات الرجولة:
(3) تحمل المسؤولية: مسؤولية الدِّين والأمة ومسؤولية بيته وأسرته؛ قال -تعالى- عن أحد هؤلاء الذين جاءوا بسعي وجدٍّ واجتهاد دعوة إلى الله -تعالى-: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ . اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ . وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ . إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ . قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (يس: 20-27)، فنصحهم حيًّا وميِّتًا، والأمثلة والنماذج في هذه الأمة لا يحصيها إلا الخالق -جلَّ وعلا-.
(4) الصدق، والثبات على المنهج: قال الله -تعالى-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (الأحزاب: 23).
وعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ، غَنِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبْيًا، فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: (قَسَمْتُهُ لَكَ)، قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: إِنْ تَصْدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ، فَلَبِثُوا قَلِيلًا، ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْمَلُ، قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَهُوَ هُوَ؟) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ) (رواه النسائي، وصححه الألباني).
(5) الطهارة المعنوية والحسية، طهارة القلب والنفس والبدن: قال -تعالى-: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (التوبة: 108).
(6) الغيرة، على عرضه وأعراض المسلمين: ألم يكن سبب غزوة بني قينقاع غيرة من مسلم على عرض مسلم، وفتح عمورية لصرخة امرأة، صرخت: وامعتصماه؟! وقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ) (رواه أحمد والترمذي والنسائي، وصححه الألباني).
(7) صون أعراض الناس: فسقى موسى -عليه السلام- لابنتي الرجل الصالح ولم ينبس ببنت شفة معهما بعد انتهاء المساعدة، ولما استدعاه الرجل، جعل ابنته تسير خلفه، وتشير إلى الجهة التي يتوجه إليها بحجر تقذفه أمامه.
أما ما يفعله البعض اليوم من مصاحبة الفتيات والنساء، وغيرها من الأفعال المشينة معهن؛ فهو خسَّة ونذالة وحقارة، وأشد ذلك أن يكون مع امرأة متزوجة، فيفسدها على زوجها وبيتها وأولادها.
(8) حسن الخلق: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ، ولا الفاحِشِ وَلا البَذِيء) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
وليست الرجولة بالتدخين، ولا الجلوس على المقاهي، ولا رفع الصوت وتغليظه، ولا أذية الناس، ولا اتباع الأهواء والشهوات، ولا بتقليد الكفار والفساق.
وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.