كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن الشبهات المثارة حول مشروعية العمل الجماعي المؤسسي التعاوني:
الشبهة السادسة:
قالوا: لم تكن هذه الجماعات موجودة على أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم-؟
وللرد على هذه الشبهة نقول:
القاعدة: أن "الأصل في الأشياء الإباحة"، فإذا لم يرد دليل على تحريم الاجتماع على الأعمال الدعوية؛ وطالما أنه ثبت مشروعيتها بالكتاب والسنة -كما تقدم-؛ فلا يضر أنها لم تكن موجودة على أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- أو الصحابة، بل تعد من جنس المصالح المرسلة التي تحقق مقاصد الشريعة؛ كما جمع الصحابة القرآن في المصحف، ولم يكن ذلك موجودًا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكما جمع التابعون السنة في الكتب ولم يكن ذلك موجودًا على أيام الصحابة!
والعجيب في هذه الشبهة: أنك ترى مَن يطرح تلك الشبهة يتناقض مع نفسه، ومع قوله هذا؛ كونه يتعامل ويقر بمشروعية أمور كثيرة تحقق مقاصد الشريعة لم تكن موجودة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عهد الصحابة: كالجامعات والمدارس، والفضائيات الدعوية، والأكاديميات العلمية، والبرامج الفضائية، والجمعيات الدعوية!
ومن المناسب هنا أن نوضح: أنه لا يوجد فرق جوهري بين طريقة عمل الجمعيات الدعوية -التي ينغمس في العمل فيها الكثير من مانعي العمل الجماعي الدعوي-، وطريقة عمل الكيان الدعوي أو الحزبي الذي يلقون الشبهات في وجه مشروعيته.
مقارنة بين الجمعية الدعوية الخيرية والكيان الإصلاحي المؤسسي:
من العجائب: أن الذين قالوا بحرمة العمل الإصلاحي الجماعي المؤسسي -سواء الدعوي أو الحزبي-؛ أجازوا تأسيس الجمعيات الدعوية، مع أنه لا يوجد فرق جوهري بين طريقة عمل الجمعيات الدعوية وطريقة عمل الكيان الدعوي أو الحزبي!
فالجمعية: لها اسم، ولها رئيس، ولها مجلس إدارة، ولها فروع، ولها منهج أيديولوجي تحمله، وعندها وسائل تأثيرية متعددة، كالكيان الدعوي أو الحزبي تمامًا.
لكنهم قد يقولون: الجمعية يدعى إليها كل الناس.
فنقول: وكذلك الكيان الدعوي أو الحزبي الإصلاحي يدعى إليه كل الناس بشرط أن يتم الالتزام بشروطه؛ كالجمعية تمامًا، وهل يتصور أحدٌ أن تقبل الجمعية بفرد لا يلتزم بشروط العضوية التي وضعتها الجمعية؟!
ويقولون: الجمعية تعمل بعد حصولها على ترخيص من السلطات.
فنقول: إذًا الحاكم ابتداءً ليس شرطًا في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع هذا فإن عامة الكيانات الدعوية الإصلاحية والأحزاب السياسية تعمل الآن تحت سمع وبصر السلطات، وتحصل على موافقات منها بذلك؛ فهل بعد هذا سيجيز الطارحون لهذه الشبهات إقامة هذه الكيانات المؤسسية الإصلاحية للقيام بالأعمال الإصلاحية المطلوبة أم سيظلون على مسارهم التابع لأهوائهم أو أهواء مَن يؤثرون عليهم؟!
وللحديث بقية -إن شاء الله-.