كتبه/ رضا دغيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهل تصورت أن مشاكلك وهمومك وغمومك مهما كثرت ومهما عظمت بالإمكان أن تزول، بل تنقلب إلى سعادة وخيرات؟
نعم كل ذلك ممكن.
فأمرك أجمع بيد مَن بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، والدعاء أعظم أسباب النجاة في الحال والمآل، وتحول الأحوال بإذن الله -تعالى-؛ فهل تهيأت وتعلمت، وتجهزت وجهزت، وبدأت من الآن في الدعاء وطمحت نفسك في تحصيل لذة المناجاة؟!
وتأمل في هذا الكلام الجميل لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ قال -رحمه الله-: "العبدُ قد تنزل به النازلة، فيكون مقصوده طلب حاجته وتفريج كرباته، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرُّع، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة ثم يكون في أول الأمر قصدُه حصول ذلك المطلوب من الرزق والنصر والعافية مُطلقًا، ثم الدعاء والتضرُّع يَفتحُ له من أبواب الإيمان بالله -عز وجل- ومعرفته ومحبَّته، والتنعُّم بِذِكره ودُعائه ما يكون هو أحبَّ إليه وأعظم قدرًا عنده من تلك الحاجة التي همَّته، وهذا من رحمة الله بعباده؛ يسوقهم بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العليَّة الدينية" (اقتضاء الصراط المستقيم).
فاهرع إلى الدعاء من الآن -رحمك الله-.
والبصيرة للقلب مع مشاهد الإيمان كالبصر للعين مع المحسوسات، فإذا ضعف الإيمان ضعفت البصيرة، بل ربما انعدمت -عياذًا بالله تعالى-؛ لذلك فالدواء المهم والعاجل الآن هو العمل على زيادة الإيمان، وسبيل ذلك: أولًا: تفعل الواجبات. وثانيًا: تترك المحرمات. وثالثًا: تأخذ من النوافل ما تطيقه نفسك وعلى التدرج. ورابعًا: قراءة القرآن بالتدبر .
نعم، لا بد من العمل الجاد من الآن على فعل المأمور وترك المحذور، فتبحث في نفسك عن كل أمر واجب ضيعته أو قصرت فيه فتأتي به على التمام وتتوب إلى الله مما مضى وكان، وكذلك تبحث عن كل عمل أو قول محرم ظاهر أو باطن وقعت فيه، فتقلع عنه فورًا مع التوبة مما مضى، ولو كان ثمة حقوق للغير تقوم بردها والتحلل منها، فإذا وفقت لذلك فستشعر بزيادة الإيمان -إن شاء الله-، ثم ابدأ في أخذ ما تطيق من النوافل وتدرج مع نفسك في ذلك حتى لا تنفر منك، فإذا وفقت لذلك فستشعر بحلاوة الإيمان وزيادته أكثر -إن شاء الله-، ثم اسلك سبيل النعيم للروح والقلب مع قراءة أو سماع القرآن بالتدبر والتفكر والتأمل.
نعم، اقرأ القرآن أو اسمعه متدبرًا متأملًا على أنه رسائل من الله إليك، وتصور مشاهد الآخرة؛ فقف عندها ومرر الآيات على قلبك، وعش المشاهد بفكرك وعقلك، ثم تفكر في حالك وحال الخلائق حينها، وكذلك مع الآيات التي تصف الجنة والنار فتأملها، وتصور أن القيامة قد قامت وحقت الحقائق؛ فكيف يكون سرورك إن كنت من أهل هذه الجنان وحظيت من ربك بالمغفرة والرضوان؟!
وكيف تكون حسرتك وندامتك وخوفك وفزعك إن كنت من أهل النار الحامية؟!
عندما تقرأ القرآن بهذه النَّفْس، وعلى هذا الدرب؛ فستشعر فعلًا وكأنك أول مرة تقرأ القرآن؟! وهكذا مع الصلاة بقراءتها وأذكارها، وأركانها وواجباتها حتى تقوى بصيرة القلب، فإذا صرت كذلك رجي لك التوفيق في رمضان، واغتنام العتق، والرضا والغفران.
والله الموفق والمستعان.