كتبه/ محمود عمارة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعد مدة يسيرة نستقبل امتحانات أولادنا، ومعلوم أن كل أب وأم يرجوان التفوق الدراسي لأبنائهما، ولكن يجب التنبه لأمر مهم، وهو: أن سلوك الآباء والأمهات يؤثِّر؛ إما تأثيرًا إيجابيًّا أو سلبيًّا على نفسية أبنائهم، ومِن ثَمَّ على مذاكرتهم وتحصيلهم دراسيًّا.
ولعل البعض يتساءل: ما دور أولياء الأمور تحديدًا في المدة التي تسبق الامتحانات؟
الأمر الأول: نحن بحاجة إلى تهيئة الأجواء الأُسَرية الهادئة المناسبة في البيت حيث نملؤه بالمودة والمحبة، والاستقرار والطمأنينة؛ فنقلل من التوبيخ واللوم والعتاب، والضغط المستمر على أبنائنا؛ لأن مثل هذه الأجواء لا تساعدنا في تحقيق الهدف الذي نسعى إليه حتى لو كان من طبيعتنا كآباء وأمهات القلق والتوتر، فنحاول أن نضغط على أنفسنا حتى لا يصبح القلق والتوتر جزءًا من نفسية أبنائنا، فيؤثر سلبًا على تحصيلهم.
الأمر الثاني: الحرص على التحفيز والتشجيع إذا أنجز الطالب أي إنجاز؛ فهو يحتاج أن نشعره بهذا الإنجاز ونشجعه عليه؛ سواء كان تشجيعًا معنويًّا أو ماديًّا، مثل: "جزاك الله خيرًا - ممتاز - بارك الله فيك - أنا سعيد جدًّا بك - إن شاء الله لك مستقبل رائع - إلخ"؛ فمثل هذه الكلمات تؤثر في نفسية أبنائنا وتدفعهم دفعًا للاستمرار في المذاكرة ولكن نحذر من المبالغة في قدراتهم وإمكانياتهم، ورفع مستوى التوقع لنتائجهم؛ خاصة إذا كنا نعرف أن قدراتهم متوسطة أو ضعيفة، فلا تقل له: "أنا أتوقع أن تكون الأول على المدرسة أو على المركز أو المحافظة أو الجمهورية"؛ لأن هذا الكلام من الممكن أن يحبط أبناءنا أكثر من أن يشجعهم، فنحن بحاجة إلى تحفيز وتشجيع موضوعي، متناسب مع قدراتهم الحقيقية.
الأمر الثالث: مراعاة الفروق الفردية بين أبنائنا مِن آكد الأمور التي ينبغي أن تُرَاعى، فإذا كان أحد أبنائنا متفوقًا، والآخر متوسطًا، والثالث ضعيفًا؛ فلا ينبغي أن نقارن بين عدد ساعات مذاكرتهم ودرجاتهم وتحصيلهم، بل نضع لكلٍّ منهم خطة تصلح له وَفْق قدراته وإمكاناته، ودوافعه، وقطعًا تختلف تلك الخطة من ابن لآخر، ونحاول تحفيز الجميع؛ فنحفز ونشجع لكي يبذل الجميع ما في وسعه، وقد يتميز أحدهم في جانب، ويخفق في آخر.
وينبغي كذلك وضع فواصل يسيرة بين أوقات المذاكرة، تشتمل على بعض وسائل الترفيه والمرح؛ لكسر روح الملل التي تصيب بعض الأبناء، فمثلًا: لو كنت واضعًا لابنك جدول مذاكرة لمدة ساعتين؛ فينبغي ألا يكون الوقت متصلًا، ولكن نصف ساعة ثم راحة يسيرة، ثم نصف ساعة وراحة، وهكذا... ويعود الأمر لعوامل مختلفة، مِن أهمها: سن الطفل، فالأطفال الصغار في الابتدائي بحاجة إلى عمل فواصل كثيرة بين أوقات المذاكرة.
ويفضَّل أن أقدم لابني أثناء مذاكرته بعض المشروبات الطبيعية، ونقلل ما استطعنا من المنبهات: كالشاي والقهوة، والكولا؛ فمثل هذه الأشياء قد تضر إن زادت عن المعدل الطبيعي.
ومن المعاني المهمة التي ينبغي أن نركِّز عليها قبل الامتحانات:
المعنى الأول: النفس البشرية تميل للراحة واللعب، وليس ذلك الأفضل في الوقت الراهن، فالواجب علينا أن نصبر ونتحمل، ونحن نشعر بك.
المعنى الثاني: ابذل ما في وسعك من تنظيم الوقت والمذاكرة والمراجعة، وحل التدريبات، وبعد ذلك ارضَ بقضاء الله سبحانه وتعالى وقَدَرِه.
المعنى الثالث -والأهم-: أن النجاح الحقيقي ليس في النجاح الدراسي مع الإخفاق في العلاقة بالله تعالى؛ لذلك ينبغي علينا أن نصلح علاقتنا بالله تعالى وبمَن حولنا من الناس، وإذا تكامل النجاح بين النجاح الأخروي والدنيوي؛ كان ذلك هو النجاح الحقيقي.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّق أبناءنا وأبناء المسلمين جميعًا لما يحب ويرضى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.