كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
3- تحقيق القوامة التي جعلها الله -تعالى- للرجل على زوجته:
قال الله -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء:34).
قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: "أي: قوّامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله -تعالى- من المحافظة على فرائضهن، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن -أيضًا- بالإنفاق عليهن والكسوة والمسكن" (تفسير السعدي).
- فيا أيها القيِّم قم بواجبك وأدِّ الأمانة المنوطة بك، واعلم أنك مسئول أمام الله -تعالى- عن هذه الرعية، فأعد للسؤال جوابًا، (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه)، وإياك أن تتخلَّى عن قوامتك، وتنزِّل نفسك منزلة التابع لا المتبوع، والمطيع لا المُطاع، والموجَّه لا الموجِّه، والغائب لا الشاهد، والخادم لا المخدوم، فينتهي بك الحال إلى وظيفة جالب الأغراض والحاجيات، وصارت المرأة هي الرجل فتَتعس وتُتعس، وتـَشقى وتُشقِي، والنتيجة جيل منهار! فالحذر.
- وليس معنى ذلك: أن المرأة قد ألغيت شخصيتها، لا، بل لها مكانتها ووظيفتها، وطاعتها لزوجها، وعدم الترؤس عليه، فمِن أسباب دخول المرأة الجنة كما جاء في الحديث: (وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا) (رواه أبو نعيم وابن حبان، وصححه الألباني)، أي: أطاعت زوجها في المعروف.
- وعليها أن تظهر الاحترام الشديد له خاصة أمام الأولاد؛ ليشبُّوا رجالاً مستقرين نفسيًّا، ونساءً صالحاتٍ متحبباتٍ لأزواجهن مطيعات، هذه الصفة من الأهمية بمكان، فإن وجدت والحقوق المتبادلة بين الزوجين؛ كان من وراء ذلك خير كثير، وإلا فضياع وتعاسة، وفساد للأجيال والمجتمعات، كما نرى ذلك أمام أعيننا، والله المستعان.
- ومن القوامة: التوجيه -كما بينا-، وليعلم الأبوان أن حجر الأساس في التربية هو: الاتفاق في أمور تربية الأبناء، وألا يظهر تضاد يحسه الولد، أو أن يجد جانبًا يميل إليه دون الآخر، ويكون ذلك بجلسة بينهما يضعان النقاط على الحروف في أمر التربية، والتوجيه والمتابعة.
ولتحقيق القوامة لا بد للأب ألا يكون غائبًا عن البيت لفترة طويلة؛ فأنى له الإشراف والمتابعة والتوجيه؟!
وهل يصح لقيِّم مدرسة أن يغيب عنها، وإن غاب فماذا سيكون حالها؟!
ما تتصوره هنا تأكَّد أن بيتك سيكون كذلك، بل أسوأ؛ لأن القوامة غابت، ومع الأيام ستجد نفسك في وادٍ، وزوجتك وأولادك في وادٍ آخر، وستندم -وقتئذٍ- ولات حين مندم.
- ومن القوامة: الحزم الذي به قوام التربية، والحازم هو: الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في موقف الشدة، ولا يتشدد في موقف يستوجب اللين والرفق.
ومن الحزم: إلزام الولد بما يصلحه، وتجنيبه ما يضره كما أمر الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومراقبته ومتابعته في ذلك، وليس من الحزم أن يقع الوالد أسير ولده، فيدلّلـه ويلبي جميع رغباته، وترك معاقبته -إن استوجب الخطأ ذلك-، فينشأ مدللًا، منقادًا للهوى غير مكترث بالحقوق المفروضة عليه.
وليس من الحزم: أن ينقاد لبكاء الطفل وغضبه وصياحه؛ ليدرك أن هذه وسائل غير مجدية، وليست وسيلة للوصول إلى ما يريد، وأن هناك وسائل طيِّبة توصل إلى المراد بهدوءٍ واحترامٍ، كما أن الاستجابة لبكاء الصبي تعوّده الاتكال على الآخرين، والضعف عن المطالبة بحقٍّ.
وليس من الحزم: أن تراقب ولدك في كل حركة وسكنة، وتعاقب عند كل هفوة أو زلة، ولكن ينبغي أن تتسامح أحيانـًا، وأن تتغافل أحيانـًا إلا في شيءٍ لا بد فيه من توجيه أو إرشاد.
ومن الحزم: تعويده النظام المنزلي في طعام وشراب ونوم، والمحافظة على النظافة، وتعويده تنظيم مكان نومه، وترتيب ثيابه وحاجياته، والحذر من الفوضوية في ذلك، فإنها تربِّي الولد على الفوضى في حياته كلها، وتؤدي إلى تفكّك الأسرة، وضياع الأوقات والجهود، وليكن ذلك بحبٍّ ورفقٍ وتدريبٍ، لا بأوامر عسكرية يشعر معها الولد أنه في سجنٍ أو ثكنةٍ عسكريةٍ.
يتبع -إن شاء الله-.