الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 19 أبريل 2017 - 22 رجب 1438هـ

حول حديث: (يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)

السؤال:

1- هل يجوز أن نقول: إن الله يهدي مَن أراد الهداية بدليل: (يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ) (رواه مسلم)؟ وإذا كان ذلك صحيحًا؛ فما الجمع بيْن ذلك وبيْن أن هداية العبد بيْن هدايتين مِن الله، وأن هداية الله سابقة على هداية العبد على الرغم مِن الحديث السابق الذي أفاد أن الله يهدي مَن أراد الهدى؟

2- هل يمكن أن يريد إنسان الهداية ثم يضله الله؛ لأن الله يعلم أن هذا الإنسان لا يستحق الهداية مثلاً؟ وهل يستدل على ذلك بقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (الأنفال:24)؟

3- ما حكم هذه الفقرة مِن كلام الدكتور مصطفى محمود -رحمه الله- في أحد كتبه، حيث قال: "قال الله -تعالى-: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) (البقرة:10)، (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمد:17)... تأتى التيسيرات دائمًا مِن جنس النية؛ فلا ثنائية ولا تضاد بيْن اختيار الرب واختيار العبد، وإنما الإرادتان تلتقيان في خطٍ واحدٍ، وإرادةٍ واحدة... الله يسيرك إلى عين اختيارك ويختار لك مِن جنس نيتك... لا تناقض ولا ضدية، ومراد الله بهذا أن يخرج المكتوم في القلوب: (وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72)؛ ليتم الغرض مِن الدنيا كدار ابتلاء وامتحان" انتهى. فهل هناك إشكال في هذا الكلام؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- مَن صدَق في طلب الهداية مِن الله ودعا الله بذلك؛ فقد وعد الله بإجابة هذا الدعاء، لكن هذا التوفيق في الصدق في الاستهداء هو مِن الله -تعالى- بمشيئته وإذنه؛ ولذا فالصواب أن اهتداء العبد بيْن هدايتين مِن الله؛ فالله يوفقه للهداية حتى يهتدي، فإذا اهتدى زاده الله هدى.

2- لا يضل الله عبدًا إلا بعدله؛ فيكون مثلاً غير صادق أو غير مخلص أو عنده كبر وعجب كإبليس الذي كان هذا سبب إضلال الله له.

3- فالإشكال في أنه يجعل مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد، فحقيقة الكلام أن الله يشاء ما تشاءون، وهذا يخالِف قوله -تعالى-: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (الإنسان:30).