الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 21 يوليه 2025 - 26 محرم 1447هـ

نصائح وضوابط إصلاحية (52)

كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

مفهوم التوريث الدعوي:

ما نعنيه هنا بالتوريث الدعوي -المحقق للاستمرارية- هو: بناء منظومة إجراءات متكاملة داخل المؤسسات الإصلاحية عبر الإدارات المختلفة فيها، أو عبر قياداتها أو المؤثرين فيها، بما يسهم بشكل سلس في توريث المنهج والخبرات والمكتسبات الإصلاحية إلى الأجيال القادمة، مع العمل على تطويرها وزيادة كفاءتها، لتسهم في تحقيق الغاية الإصلاحية الكبرى التي من أجلها خُلِق الخَلق، وهي: العبودية.

فالتوريث الدعوي -بهذا المفهوم- يعد ضرورة ملحة وليست كمالية، بل هو واجبٌ على كل الدعاة والمؤسسات الإصلاحية، ففيه يُقدِّم السابق للاَّحق خلاصة تجاربه، وعصارة خبراته الإصلاحية، ليكمل اللاحق من حيث انتهى الأول، وبهذا لا تُهدَر الجهود، ويستمر المسير، ويُطمئَن معه على عدم الوقوع في الزلل والخلل -بعد فضل الله-؛ لا سيما مع عِظَم المكر من أهل الباطل، وكثرة الشبهات، وانتشار الشهوات في المجتمعات والأجيال عبر آليات ووسائل متنوعة.

إن من الخطورة الشديدة والتحديات الكبيرة التي تتعرَّض لها المؤسسات الإصلاحية: أن يغادر المسئولون مواقعهم التي مكثوا فيها سنوات -بسبب الموت أو المرض أو خلافه- فيأتي مَن لا خبرة له، أو صاحب خبرة ضحلة ليتولى مسئولية عمل لم يتقنه، ولم يحط به علمًا من كافة جوانبه كما ينبغي، أو يأتي مَن شارك في فريق ذلك المسئول عن العمل، ولكن بلا همة عالية لازمة لتحمل المسئولية -كالتي كانت من مميزات مسئوله السابق-، وفي كلتا الحالتين فإن هذا يعرض المؤسسة كلها لهزات عنيفة؛ إما لأنه في أكثر الأحيان سيبدأ طريقًا طويلًا يكاد يكون لا صلة له فيه بمَن سبقه، بل قد يخالفه، أو نظرًا لثقل التركة الإصلاحية التي تحتاج إلى همة وتحمل مسئولية حقيقة.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.