كتبه/ عصام زهران
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن عيادة المريض واجب كفائي؛ أي يجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم، وهذا هو الصحيح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعلها مِن حق المسلم على المسلم، وليس مِن محاسن الإسلام أن يمرض الواحد منا ولا يعوده أحد، وكأنه مرض في بريّة، فلو علمنا أن هذا الرجل لا يعوده أحد فإنه يجب على مَن علم بحاله وقدر أن يعوده.
قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله-: "إن عيادة المريض واجبة على المسلمين، وإن ترك المريض دون أن يعوده أحد من المسلمين تحت دعوى أن العيادة سنة وليست فرضًا؛ فإن هذا لا يجوز" (انتهى).
ولم يقل زيارة؛ لأن الزيارة للصحيح، والعيادة للمريض، وكأنه اختير لفظ العيادة للمريض مِن أجل أن تُكرر؛ لأنها مأخوذة من العود، وهو الرجوع للشيء مرة بعد أخرى، والمرض قد يطول فيحتاج الإنسان إلى تكرار العيادة.
ولعيادة المريض آثار حسنة، منها:
- استشعار المريض واهل بيته بأنه يوجد مَن يحبه ويسأل عنه عند أزمته ومرضه؛ مما يزيد درجة الثقة والاطمئنان في القلوب، سواء لدى المريض أو أهل بيته.
- إظهار جمال الإسلام وعظمة أخلاق النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في حرصه الشديد على تأكيد حقوق المسلم على المسلم والتي لا تتحقق إلا بالسلوك العملي، والمعاملة الواقعية الصادقة.
- استشعار العائد بنعمة الصحة والعافية التي منحها الله له، وحُرم منها أخوه المريض مما يكون في ذلك عونًا له على تفعيل عبادة الشكر لله -تعالى- على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
- عند عيادتك للمريض تثبت له عمليًّا الحب الصادق؛ وكأنك تقول له: "أنت عندي غالٍ، ولا أستطيع أن أذوق غمضًا حتى أطمئن على صحتك".
- عيادة المريض أعظم مناسبة اجتماعية تربط أواصر الأخوة في المجتمع المسلم؛ ولا تُقَارَنُ العيادة بغيرها من الزيارات والمناسبات؛ السارة أو الحزينة.
- الشعور بالوحدة ينتابُ المريض؛ فجاء الشرع الحنيف بجبر كسره، ويرفع مستوى السعادة بين أسرته.
- يتجرعُ المريض آلامه ويعدها عدًّا بين لحظة وأختها؛ فتأتي العيادة فتصرف إحساسه عما يلاقي من آلام؛ فالشعور النفسي يتغلب في كثيرٍ مِن الأحيان على الشعور البدني؛ ألا ترى أن الطبيب إذا أخبر المريض أنه صحيح قام فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ!
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ) (رواه البخاري).