دعوى إباحة القتل مِن باب دفع شرور الظالم وتقليل مفاسده!
السؤال:
1- هل يجوز أن يقول أحد بأن القتل كان مباحًا في شريعة الخَضِر -عليه السلام-؛ ولذلك ترك موسى الخضر -عليهما السلام- يقتل الغلام؟ وبناءً على ذلك: لو كانت المصلحة في قتل ظالم مِن باب تقليل مفاسده فيجوز قتله من باب ما فعله الخضر -عليه السلام-؟
2- ما معنى قوله -تعالى-: (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) (الكهف:65)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فليس عموم القتل كان مباحًا في شريعة الخضر، بل قتل هذا الغلام بعينه كان مباحًا، بل مأمورًا به؛ لقوله -تعالى- عنه: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) (الكهف:82).
ولا يُتوسع في أمر القتل من باب تقليل مفاسد الظالم، بل لا يجوز القتل إلا بما ورد به النص: (لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) (متفق عليه).
وهذا الغلام الذي قتله الخَضِر لم يكن ظالمًا ساعة قتله، فَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَشَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ قَرَأَ كِتَابَهُ، وَحِينَ كَتَبَ جَوَابَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْلا أَنْ أَرُدَّهُ عَنْ نَتْنٍ يَقَعُ فِيهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، وَلا نُعْمَةَ عَيْنٍ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: "... وَسَأَلْتَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْتُلُ مِنْ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ أَحَدًا؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَنْتَ فَلا تَقْتُلْ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الْغُلامِ حِينَ قَتَلَهُ" (رواه مسلم). وهذا مِن ابن عباس -رضي الله عنهما- له على سبيل التعجيز؛ لأن علم الغيب لنا مستحيل في مثل هذا؛ لانقطاع الوحي.
2- العلم اللدني: أي هو مِن عند الله -تعالى-، وهو في حقنا الفهم للكتاب والسنة، والإلهام الصادق الموافق للوحي لا الخارج عنه.