السؤال:
1- قد ذكرتَ في فتوى قريبه لك أن طريقة اختيار الخلفاء والحكام عبر العصور لم تكن عبر الشرعية المزعومة أو الصناديق، وبالتالي فالرئيس "مرسي" ليس بولي أمر، ولكن حضرتك نسيت أن أهل الحل والعقد وزيادة قد اختاروه؛ بمعنى أنك شخصيًّا وكل مشايخ الدعوة السلفية، بل وكل الإسلاميين قد انتخبوا الدكتور "مرسي" في مرحلة الإعادة، ثم زاد عليهم العوام من المسلمين، فيكون بذلك قد انتخبه أهل الحل والعقد وزيادة، وأما مسألة إقامة الدين وسياسة الدنيا به؛ فهذا مبحث آخر حتى يتوفر وقته، فكيف يقال بعد ذلك إنه ليس بولي أمر شرعي أو أنه لم يُنتخب من أهل الحل والعقد؟!
2- أنتَ ذكرت في كلامك عن الكفر والإيمان أن الإخوان يستبطنون تكفير المجتمع، وأن هذه هي معنى القطبية، ولكنهم لا يظهرون ذلك أمام الناس، فهل لك أن تحل لي هذه المعضلة؟ وهي: كيف يكون الإخوان تكفيريين وفيهم صفات من الخوارج، وهم مع ذلك متساهلون في كل شيء كما تقول أيضًا، ولا يقيمون الدين؟!
3- هل بإمكان حضرتك أن تعطيني تعريفًا واحدًا لمعنى القطبية التي تطلقها على الإخوان؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فمَن انتخبوا الدكتور "مرسي" -ومنهم نحن- انتخبوه على أنه رئيس للجمهورية بصلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور والقانون؛ فهذا هو العقد الذي تم بينهم وبينه، وليس على أنه إمام للمسلمين بصلاحيات الخليفة!
فليس لرئيس الجمهورية أن يطلب مني حل جماعتي مثلاً لاختلافها مع جماعته.
وليس له أن يمنع مِن تقديم مبادرات سياسية تختلف مع وجهة نظر جماعته في حل مشكلة ما في الدولة؛ فضلاً عن أن يتهم مَن فعل ذلك بالعمالة والخيانة!
وليس له أن يرغم حزبي على التحالف مع حزبه حين يشعر بضعف شعبيته.
وليس له إلزامي بالنزول في مظاهرات تأييدًا له، ولا طلب الحماية له؛ ولو أدى ذلك إلى قتل بعض الناس وجرحهم! وإنما هذه مهمة المؤسسات في الدولة.
وليس له أن يخالف شروط التحالف السياسي الذي تم بناءً عليه تأييده وانتخابه رئيسًا للجمهورية.
كل هذه فروق هائلة بيْن أن نصفه بأنه رئيس الجمهورية أو أنه ولي أمر شرعي تجب طاعته في المباحات، ومنها كل ما سبق.
وأما أصل التوصيف؛ فهو مبني على أمرين: الأول منهما -الذي تريد إهماله-: هو أنه لا تثبت الولاية إلا بإقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين مع قوة وشوكة.
والثاني: هو صفة العقد الذي تم بيننا وبينه علنًا وسرًّا، وهو ما ذكرتُه لكَ من الفروق، بل كان مِن ضمن الشروط للتأييد: عدم إطلاق اسم ولي الأمر الشرعي بعد النجاح، بل هو رئيس جمهورية بصلاحية رئيس الجمهورية، ولم تكن أنتَ ولا غيرك -ممن يهاجِم- حاضرًا هذه الشروط وهذا العقد؛ فليس لكم حتى ولو خالفتم وجهة نظرنا في مسألة ولاية الأمر أن تلزمونا بما لم نلتزم به، بل اشترطنا خلافه وقَبِلوه.
2- المعضلة -التي تراها- هي أنك لا تصدق التناقض الذي عند مَن خالف أهل السنة والجماعة في ضوابط الإيمان والكفر، ومسائل الدماء؛ مع أن أهل البدع دائمًا متناقضون؛ لأن الأمر عندهم لم يبنَ على العلم الشرعي والأدلة.
وابتداءً أنا لم أقل: إن جميع الإخوان كذلك، وإنما الكلام على متخذي القرار ومَن تابعهم على منهجهم، وما ذكرتُه من القطبية أمر جلي معروف مِن تاريخ القادة ومِن الذي رباهم، ثم مِن المواقف التي اُتخذت وتدل على عدائية شديدة للمجتمع!
وأعد معك عشرة مشروعات حاولوا تطبيقها، كلها عقوبة جماعية للمجتمع الجاهلي -كما يسميه أ."سيد قطب"-، وهي:
1- عطل عربيتك "تعطيل المرور".
2- اتفسح بجنيه "تعطيل المترو".
3- وقع شبكة "تعطيل الاتصالات والشبكات".
4- لِم الدولار "إسقاط الاقتصاد".
5- شغل المكيف وجميع الكهرباء "إسقاط شبكة الكهرباء".
6- افتح صنابير المياه "إسقاط شبكة المياه وخدمتها".
7- اسحب رصيدك "إسقاط النظام المصرفي".
8- الامتناع من دفع فاتورة الكهرباء والماء والغاز "إسقاط الاقتصاد والدولة".
9- قطع الطرق والشوارع "الساعة 7 صباحًا لتعطيل الأعمال والموظفين".
10- لِم الفكة "تصعيب التعامل اليومي على المواطنين".
أما مهاجمة الشرطة، والجيش وإعلان الجهاد ضدهما، وطلب التدخل الأجنبي، والتحريض على انقسام الجيش، وتمني احتلال إسرائيل لسيناء ومصر، والتصريح بأن الذين خرجوا على "مرسي" ارتكبوا الشرك الأكبر! وأضعافها من تصريحات القادة... فأنتَ لا ترى فيها أي دليل على معاداة المجتمع، والسعي لهدم الدولة بأسرها، ودخول الشعب في اقتتال داخلي!
والمعضلة في التناقض هي عند كل مخالف للحق؛ فالخوارج استرضوا الذمي على شق جلد خنزيره، في حين أنهم قتلوا عبد الله بن خباب -هو ابن خباب بن الأرت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم- وبقروا بطن امرأته وقتلوها، يقولون مِن قول خير البرية، هم شر الخلق والخليقة.
ثم هل ترى أن كل ما جرى باسم الجهاد في سبيل الله لا يتناقض مع إعطاء تصاريح الخمارات والملاهي الليلية "ثلاث سنوات، وليس سنة واحدة"؟! كمثال واحد فقط! وعندنا العشرات من الأمثلة... فحل أنتَ المعضلة.
3- القطبية منهج، وليست تعريفًا تطلبه في سطر، فاقرأ مقدمة سورة الأنعام من كتاب "في ظلال القرآن" للأستاذ "سيد قطب"، واقرأ معنى المجتمع الجاهلي عند "سيد قطب" و"محمد قطب" في كتابه: "واقعنا المعاصر"؛ لتعرف الفرق بين القطبية والسلفيين، بل الفرق بينهم وبين أهل السنة والجماعة.