السؤال:
- أنا أعلم أنكم من أهل العلم والدين، ولكنني أرى أنكم جانبكم الصواب وأخطأتم من حيث المبدأ والنتيجة، ومن حيث استبعادكم عودة دولة الإخوان وأنها أوهام، ومن هذا الخطأ ما ذكرته أنتَ يا د."ياسر" فيما معناه أن: "نية القتل في سبيل الله دون إحراز نصر أو نكاية في العدو... لا تكفي، وهي إتلاف للنفس لا يجوز من غير فائدة!" كإسقاط على واقع الإخوان في مظاهراتهم وإصرارهم على موقفهم، في حين أن غاية ما عندك: الاستدلال بأقوال لبعض العلماء يعارضها غيرها، وما ما ذكرتَه من أدلة شرعية فلا يفيد ما ذهبتَ إليه، وهاك من الأدلة ما يفيد الجواز حتى نتبرأ من خيانة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
1- ثبت في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) (متفق عليه)، ولم يذكر نكاية أو غير ذلك، فمن خرج عليه 5 أو 10 لصوص بسلاح وهو مقتول لا محالة إن لم يعطهم ماله، ولن يبكوا عليه أو يُسلموا لأجله، ولن يسمع به أحد، فلا توجد مصلحة في قتله ولا نكاية، ومع ذلك فهو شهيد في سبيل الله، ممدوح على قتاله واستبساله!
2- قال الله -تعالى-: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106)، فمن أُكره على كفر أو باطل وإلا قُتل؛ استحب له الصبر على القتل والأخذ بالعزيمة مع أنه مقتول بلا نكاية في خصومه، وقد يقتلونه دون أن يتألم له أحد أو يسمع به إنسان.
3- قال الله -تعالى-: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249)، وقد خاض المسلمون معظم حروبهم وهم أقل بكثير جدًّا من عدد عدوهم وعتاده وسلاحه، وغزوة بدر من أشهر ما يذكر في ذلك حيث كان المسلمون معهم فرس واحد أو اثنان على الأكثر في مقابل 200 فرسًا للكفار، هذا من حيث العتاد والعدة، ومن حيث العدد فمعلوم أن عدد الكفار كان أضعاف عدد المسلمين، ومع ذلك وقع النصر من عند الله، وكذلك كان عدد المسلمين في غزوة "مؤتة" 3 آلاف مقاتل وعدد عدوهم 200 ألف مقاتل!
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
- فما ذكرناه مِن وجوب الانصراف إذا كان المسلمون أقل من نصف عدوهم "وعلموا أنهم مقتولون" مع عدم إحداث نكاية في العدو هو بلا خلاف بين العلماء كما ذكره "ابن جزي الغرناطي" في "القوانين الفقهية"، وليس مجرد كلام لبعض العلماء!
- قال النووي -رحمه الله-: "إِذَا زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيِ الْمُسْلِمِينَ، جَازَ الانْهِزَامُ، وَهَلْ يَجُوزُ انْهِزَامُ مِائَةٍ مِنْ أَبْطَالِنَا مِنْ مِائَتَيْنِ، وَوَاحِدٍ مِنْ ضُعَفَاءِ الْكُفَّارِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لا؛ لأَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَهُمْ لَوْ ثَبَتُوا، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْعَدَدُ عِنْدَ تَقَارُبِ الأَوْصَافِ. وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لأَنَّ اعْتِبَارَ الأَوْصَافِ يَعْسُرُ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَدَدِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ فِرَارُ مِائَةٍ مِنْ ضُعَفَائِنَا مِنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ مِنْ ضُعَفَائِهِمْ، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْعَدَدَ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْمَعْنَى، جَازَ.
وَإِذَا جَازَ الْفِرَارُ، نُظِرَ: إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ ثَبَتُوا ظَفِرُوا، اسْتُحِبَّ الثَّبَاتُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمُ الْهَلاكُ؛ فَفِي وُجُوبِ الْفِرَارِ وَجْهَانِ، وَقَالَ الإِمَامُ: إِنْ كَانَ فِي الثَّبَاتِ الْهَلاكُ الْمَحْضُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ، وَجَبَ الْفِرَارُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ فَوَجْهَانِ. قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الإِمَامُ هُوَ الْحَقُّ وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، أَنَّهُ لا يَجِبُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ" (روضة الطالبين: 10/ 249). أي يستحب الفرار مع إحداث نكاية عند الثبات، والوجه الثاني: يجب الفرار، أما مع عدم النكاية؛ فيجب الفرار بلا خلاف.
- وقال ابن قدامة -رحمه الله-: "وَإِذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ الْمُسْلِمِينَ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُسْلِمِينَ الظَّفَرُ، فَالأَوْلَى لَهُمْ الثَّبَاتُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ انْصَرَفُوا جَازَ؛ لأَنَّهُمْ لا يَأْمَنُونَ الْعَطَبَ وَالْحُكْمُ عُلِّقَ عَلَى مَظِنَّتِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عَدَدِهِمْ، وَلِذَلِكَ لَزِمَهُمْ الثَّبَاتُ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ الْهَلاكُ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُمْ الثَّبَاتُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ الظَّفَرُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ.
وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ الْهَلاكُ فِي الإِقَامَةِ وَالنَّجَاةُ فِي الانْصِرَافِ، فَالأَوْلَى لَهُمْ الانْصِرَافُ، وَإِنْ ثَبَتُوا جَازَ؛ لأَنَّ لَهُمْ غَرَضًا فِي الشَّهَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَغْلِبُوا أَيْضًا" (المغني 9/ 320). وهذا واضح في وجود احتمال النصر.
- وقال ابن جزي الغرناطي -رحمه الله-: "الْمَسْأَلَة السَّادِسَة فِي الْفِرَار: لا يجوز الانْصِرَاف من صف الْقِتَال إِن كَانَ فِيهِ انكسار الْمُسلمين، وَإِن لم يكن فَيجوز لمتحرف لقِتَال أَو متحيز إِلَى فِئَة والتحرف لِلْقِتَالِ هُوَ أَن يظْهر الْفِرَار وَهُوَ يُرِيد الرُّجُوع مكيدة فِي الْحَرْب، والتحيز إِلَى الْجَمَاعَة الْحَاضِرَة جَائِز، وَاخْتلف فِي التحيز إِلَى جمَاعَة غَائِبَة من الْمُسلمين أَو مَدِينَة. وَلا يجوز الانهزام إِلا إِذا زَاد الْكفَّار على ضعف الْمُسلمين، وَالْمُعْتَبر الْعدَد فِي ذَلِك على الْمَشْهُور، وَقيل: الْقُوَّة، وَقيل إِذا بلغ عدد الْمُسلمين اثْنَي عشر ألفا لم يحل الانهزام وَلَو زَاد الْكفَّار على الضعْف.
وَإِن علم الْمُسلمُونَ أَنهم مقتولون فالانصراف أولى، وَإِن علمُوا مَعَ ذَلِك أَنهم لا تَأْثِير لَهُم فِي نكاية الْعَدو وَجب الْفِرَار، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لا خلاف فِي ذَلِك" (القوانين الفقهية: 1/98).
- وما ذكرتَه من أدلة لا يخالف النصوص السابقة التي اتفق عليها العلماء.
1- فحديث: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ): هذا عند إمكان الدفع واحتماله، وأفضل ذلك ما يكون مع غلبة الظن بالدفع، أما إذا علم أنه مقتول إذا كافحهم ومأخوذ ماله وأنه لو أعطاهم ماله لم يقتلوه؛ فليست داخلة في الصورة المذكورة في الحديث.
قال العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "إِِنْ أَرَادَ الظَّالِمُ قَتْلَ إنْسَانٍ مُصَادَرَةً عَلَى مَالِهِ، وَيَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَالَهُ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَالِهِ فِكَاكًا لِنَفْسِهِ" (قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/ 129).
2- هذا الأمر في حق نفسه، وليس في حق مجموع المسلمين أو طائفة منهم، والكلام الذي ذكرتَ في استحباب الصبر في مواجهة الكفار المكرهين رجلاً مسلمًا على النطق بكلمة الكفر فيه من إغاظتهم وتغيير قلوبهم ما تتحقق به مصلحة مع كون ذلك في حق نفسه -كما ذكرنا-، وليس في ضرر عام على المسلمين.
3- إن الله وعد بنصر المسلمين -إذا صبروا- على عشرة أضعافهم من عدوهم، ولم ينسخ ذلك الوعد، وإنما نسخ وجوب الثبات (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ . الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال:65-66).
وليس كما تزعم أن المسلمين كانوا أقلَّ بكثير جدًّا من عدد عدوهم في معظم حروبهم! نعم كانوا أقل، لكن مع إمكانية القتال، وإمكانية النصر والظفر؛ ففي غزوة "بدر" كانوا نحو ثلث العدو وليس عُشره.
وأما حين كانوا ثلاثة آلاف أمام مائتي ألف في غزوة "مؤتة"؛ فقد سمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما فعله خالد من الانسحاب "فتحًا" فقال: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ، فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) (رواه البخاري)؛ مثلما كان الانصراف وترك القتال، والصلح بعد البيعة -بيعة الرضوان- في الحديبية فتحًا مبينًا كما سماه الله -سبحانه وتعالى- بذلك؛ لما فيه من مصالح عظيمة للإسلام والمسلمين، وحين تكون قوة الأعداء أكثر من 10 : 1، ويعلم المسلمون أنهم مقتولون؛ فلا يجوز القتال -كما سبق-.
وأظن أن مِن المسائل المعاصرة ما لا يختلف فيه العقلاء "فضلاً عن الفقهاء"؛ فلو أن مائة من المسلمين المسلحين بالسيوف والرماح واجهوا عشرة من الطائرات القاصفة في كل طائرة طيار واحد، وليس عندهم سلاح مضاد للطائرات وهي تريد حصدهم، ويمكنهم بالانصراف حفظ أرواحهم؛ للزمهم ذلك قطعًا، ولما جاز لهم التعرض لهذا القصف بزعم الرغبة في نيل الشهادة!
وإلا كان انسحاب "طالبان" أمام قوات التحالف وطائراته من "كابول" جريمة وفرارًا من الزحف! وما أظن عاقلاً ولا فقيهًا يظن ذلك... أو يقول: "بل كان الواجب أن يظلوا فيها إلى أن تُباد وتدمر على أهلها المسلمين بلا ثمرة!"، بل -في الحقيقة- بإذلال المسلمين وسفك دمائهم وانتهاك حرماتهم بجهل الجاهلين، وضلال الضالين في فهمهم.
وأضرب لكَ مثالاً آخر: عندما رُفع شعار: "على القدس رايحين شهداء بالملايين" وانطلق من الشباب مَن انطلق "وهو أعزل" يظن أن الجيش الإسرائيلي سيتركه حتى يدخل القدس محررًا لها بمجرد العدد! ووقف الجنود المصريون يمنعونهم من المرور حرصًا على أرواحهم، وظن بعض هؤلاء بجهله أن هذا صد عن سبيل الله... فهل ترى أن هذا الذي ينبغي أن نفعله لنحرر القدس؛ وإلا كنا آثمين؟!
أين في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن نواجه أعداءنا بصدور عارية بلا سلاح؟!
ولماذا لم يفعل ذلك د."مرسي" والإخوان إبان سنة من حكمهم؟!
ولماذا حرصوا على الوساطة المصرية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة بإتمام هدنة؟! نرجو الله أن يوفق الشباب للفهم والفقه في الدين.
كل هذا لو كان العدو المخالِف كافرًا؛ فكيف بالنظر في المفاسد العظيمة إذا كان المخالِف لكَ مسلمًا؟!
وإياك ودعاوى التكفير بالبدعة والجهل، فإن القتل العمد بلا تأويل ليس سببًا للحكم بالكفر الأكبر على القاتل بنص الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ... ) (البقرة:178)، فجعل الله -تعالى- القاتل أخًا للمقتول.
والمخالِف لك مسلم إنما يعترض على رئاستك وإدارتك للبلاد، وفشلك في تحقيق احتياجات الناس، وأنتَ تزعم أنه إنما يريد حرب الإسلام مع أن هذا حكم على النيات والمقاصد والله أعلم بها، والحساب بيْن يدي الله غدًا؛ لأننا لا نثبت ولا ننفي نيات الناس، وإنما لنا ظاهرهم؛ فليس من خالف طائفة وسعى لإزاحتها عن الملك والرياسة يكون بالحتم محاربًا للإسلام إذا كانت الطائفة ترفع شعار الإسلام وتدعي أنها سوف تحكم به بعد حين؛ فالكل يقول ذلك أيضًا أنه سوف يحكم به بعد حين عندما تتمهد الأمور، فالكل في الوعد سواء.
فما جرى إنما هو مع مسلمين "من الشرطة والجيش والعامة" يترتب عليه تنفير الناس من الدين، وحديثهم أن المسلمين يقتل بعضهم بعضًا، وتعطيل الدعوة إلى الله... لو قُدِّر أن جميع الإسلاميين شاركوا في هذا الأمر!
بالإضافة إلى خطر الحرب الأهلية التي يترتب عليها من سفك الدماء أضعاف أضعاف ما جرى... مع تضاعف احتمال تقسيم البلاد إذا انقسم جيشها، و"خطر تسلط العدو على المنطقة كلها"؛ إذ يكون الجيش الإسرائيلي هو الجيش الوحيد في المنطقة، مع تمكن الشيعة من كثير من بلاد أهل السنة وهم أشد عداوة لأهل السنة مِن اليهود والنصارى، وبطشهم بأهل السنة وقتلهم لهم مشهود معلوم في العراق، وسوريا، وهم يتربصون بدول الخليج التي بها أعداد منهم، مع اتفاقهم مع الأعداء كما حدث في العراق؛ لتقسيم البلد.
فلابد في مقاتلة المسلمين ومحاربتهم من النظر في المصالح العامة للبلاد، وعموم المسلمين فيها وفيما حولها من بلاد المسلمين، والأضرار والمفاسد المتوقعة عند انهيار الدولة المصرية واقتصادها، وما يصحب ذلك من مجاعة واقتتال على الطعام والشراب، وفساد لا يحصيه إلا الله، ونفرة عظيمة من الدين وأهله الذين تسبب حكمهم في كل هذا... !
كل هذه الأضرار لا يعيها مَن يريدون إسقاط الدولة وانهيارها، وحصول الفوضى التي يترتب عليها من انتهاك الحرمات أضعاف أضعاف ما هو حاصل الآن!
فإذا نظرنا إلى ذلك، وآثرنا ترك الاقتتال وتحصيل أكبر قدر من المصالح ودفع أكبر قدر من المفاسد، مع المحافظة على الدعوة إلى الله، وحب الناس وقبولهم للحق الذي معنا... نكون بذلك خونة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؟!
نعوذ بالله من ذلك، ومن البهتان.
وإلى الله المشتكى!