السؤال:
أعلم أن الدعوة السلفية لا تلتفت لثناء أحد أو حقد أحد، وأنها تقول كلمة الحق ولو كانت سباحة ضد التيار والواقع خير شاهد؛ فلأنها لا تسعى لإرضاء أحد إلا الله يتآمر عليها الجميع ويريدون إزاحتها، ولكن لدي تساؤلات تتعلق بالدعوة السلفية في حال انتصار الإخوان ونجاح مظاهراتهم، والظن أن معنويات الإخوان صارت مرتفعه الآن، ومن يتعاطف معهم يزدادون، فأريد أن أعرف من فضيلتك:
1- ما مستقبل الدعوة السلفية ومن ورائها حزب النور إذا فشل الانقلاب، وعاد الدكتور "محمد مرسي" مرة ثانية أو جاء رئيس إخواني أو متعاطف معهم؟
2- ماذا نجيب من يقول لنا من الآن قبل أن تتحقق أهدافهم -ولا أدري ماذا سيقول إذا تحققت بالفعل؟!-: أرأيتم لقد كنا نحن على الحق؟! لقد أتت المظاهرات والاعتصامات وما أنكرتموه علينا من معاندة الجيش، والشرطة، والقضاء، والدولة العميقة... كل هذا ثبت بالواقع أن هذه هي الطريقة الناجحة لنيل الحقوق؛ فما ضاع حق وراءه مطالب!
3- تنتشر الآن مقوله يتهمون بها العلماء بالجبن والتقصير في قول الحق، وهي مقوله الإمام أحمد: "إذا سكت العالِم تقيه والجاهل لا يدري فكيف يصل الحق للناس؟" فيقول بعضهم: معنى هذه المقولة أن العالم مستثنى من الأخذ بالرخص وأنه لابد أن يجهر بالحق حتى لا يضل الناس خصوصًا وأن الإمام أحمد إذا لم يثبت لفسدت عقيدة الناس وانتشر عندهم صحة القول بخلق القرآن؟ فهل هناك أدلة شرعية على هذا الكلام يا شيخ أم هذا تشريع جديد أم ماذا؟ وهل كان الإمام أحمد لا يجوز له الأخذ بالرخصة ويلزمه الصبر على التعذيب وإن قتل مع أن الدين يسر وسماحة؟ نرجو التفضل بالجواب في أسرع وقت؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فابتداءً -وقبل الإجابة على أسئلتك-: نحن نتعامل مع الواقع ونتعرف على واجب الوقت، وليس لنا أن نعيش الافتراضات "فضلاً عن الأوهام البعيدة عن الواقع"؛ فنبني عليها تساؤلات ونبحث عن إجاباتها!
وأما ما سئلتَ عنه:
1- فهذه الدعوة تلتزم بمنهج أهل السنة والجماعة وهم الطائفة المنصورة، ولن تضيع -بإذن الله-، وقد تحملتْ أكثر بكثير مما تخشاه -مما يخدع به الناس- أيام الطاغية "مبارك"، ولم يتمكن أحد، ولن يتمكن أحد -بإذن الله- من إيقافها.
2- يا للعجب لمَن يترك ما وجب عليه في وقته، ويظل يحسب حسابات هي أبعد شيء عن الواقع، ويتصور أنه إذا انتصر سيقول: إننا كنا على الحق في معاندة المجتمع كله... وليس فقط مَن ذكرتَهم!
ولو حدث ذلك فلن يضيع حقنا؛ لأننا سنظل نطالِب بالحق وندعو بالحق، وما ضاع حق وراءه مطالِب، وأما المعاندة للجيش والشرطة والقضاء... -التي ذكرتَها- فما جاءت إلا بالسلب والضرر على العمل الإسلامي كله في "مصر" ، وغيرها!
3- وهل سكت أهل العلم من أهل السنة عن الحق وإنكار المنكر؟!
إنما امتنعنا من المشاركة في المظاهرات محسومة العاقبة عندنا من سفك الدماء، وانتهاك الحرمات بلا ثمرة! بل ثمرتها مرة غاية المرارة من كراهية الناس لما يسمى بالمشروع الإسلامي، أو بالحقيقة "الجماعة" التي كانت ترفع شعارات لحكمها دون تطبيق!
والإمام أحمد -رحمه الله- صبر واحتسب، وحمَى الله به الدين فجزاه الله خيرًا، وغيره من العلماء قد أخذوا بالرخصة؛ لعموم الأدلة، ولن يعدم الله الأمة من قائل بالحق جاهر به يحفظ الله به الدين.
ولكن الإمام أحمد -رحمه الله- لم يجمع العامة ليصطدم بهم مع الخليفة وجنده، بل عندما طلب الخليفة التوقف عن الكلام في مسألة خلق القرآن توقف؛ إلا أنه كان يعلِّم تلامذته الحق بينه وبينهم، ونحن -بحمد الله- لم نتوقف عن قول الحق سرًّا وجهرًا، وإنما الكلام على الصدام الدموي من أجل كرسي الرئاسة بلا شوكة!