حول قوله -تعالى-: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ)
السؤال:
1- قال الله -تعالى-: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ . لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (يس:6-7)، فإن كان المقصود بالقوم أهل مكة أو العرب فكيف نجمع بين هذا وبين أن أكثرهم آمن بعد ذلك؟
2- لماذا لا نرجع إلى الضمير إلى قوم؛ لأن هذا هو المتبادر أم من الممكن أن نقول: لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم القريبون فهم غافلون، لقد حق القول على أكثر الغافلين فهم لا يؤمنون بعد أن تنذرهم؟ وكأن في الكلام تسلية للرسول، وهذا لا ينفي أن أكثر أهل مكة قد يؤمنوا، ومثال لما أعنيه: لنفترض أنني أُدرِّس لفصل ما ولمست المستوى المتدني للطلبة فشكوت لصديقي فقال لي: لا تحزن أكثر الطلبة لن يتطوروا، ولا يعني هذا ألا أكترث لتعليم الطلبة حتى يتفوقوا.
3- بالنسبة للآيات، فقد ذكرتْ نفس السورة آيات تختتم بـ"لا يعقلون"، وهل يصح أن نقول: إن قومًا هنا تشمل جميع من دعاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثل: العرب وأهل الكتاب والفرس والروم، فهؤلاء أكثرهم لم يؤمن فعلاً والدليل على شمول كل هؤلاء هو أن الرسول بُعث للناس كافة، وكل هؤلاء كانوا غافلين لأنهم أهل فترة ولم ينذر آباؤهم الأقربون؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فأكثر رؤوس المشركين وكبارهم لم يؤمنوا وقتلوا ببدر وقبلها وبعدها أهلكهم الله، وإنما آمن عامة الشباب.
2- الضمير راجع إلى القوم فعلاً فهم لا يؤمنون وهم القوم المنذورون وكما ذكرنا المقصود رؤوسهم.
3- الإنذار عام لكل الأقوام، لكن (قَوْمًا) في الآية نكرة في سياق الإثبات فهم قوم مقصودون، (مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ): أي إنذارًا خاصًا بهم، وإلا فقد بلغتهم دعوة إبراهيم وموسى وعيسى -عليهم السلام-، وكان يلزمهم التوحيد.