السؤال:
أنا طبيب وأعمل بالطب من ثلاثين سنة، وأسمع كثيرًا من المرضى عن عملهم الحجامة تقريبًا لجميع الأمراض كالضغط والسكر والشلل وفيروسات الكبد وغير ذلك... ومنهم من يعملها من غير مرض ويقول: إنها سنة أو إنها تطرد الدم الفاسد من الجسم، وإذا قلت لأي منهم: إنني لا أجد أي أساس علمي لهذا القول وأنه لو كانت تشفي جميع الأمراض كما يدعي العاملون بها لكان أولى لنا أن نغلق كليات الطب ومصانع الأدوية ونعالج بها فيتهمونني بأنني ضد السنة النبوية، وأنا أرى أن عملهم هذا يسيء للدين والسنة.
فأي متخصص في الطب لا يجد أساسًا علميًّا لذلك، ولا يمكن أن يتصور أنها تشفي جميع الأمراض كما يدعي العاملون بها، ويعلم أنه لا وجود لدم فاسد في الجسم، وقد يؤدي ذلك لتشكيك الناس في السنة كلية؛ لذا نرجو من سيادتكم بصفتكم عالم بالدين وطبيب أن توضح لنا كأطباء مسلمين هذا اللبس حتى نكون على بينة من أمور ديننا وحتى نستطيع أن نتعامل مع المرضى على أساس علمي وطبقًا لصحيح السنة.أفيدونا أفادكم الله.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل إن الحجامة تشفي من جميع الأمراض؛ فهذا ادعاء باطل، وإنما قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ) (متفق عليه).
وفي وقائع أعيان متعددة كان يأمر أصحابه بالحجامة ولم يقل قط -فيما أعلم- إن فيها شفاء من كل الأمراض، وأنا أؤيدك فيما ذهبت إليه من عدم وجود أساس علمي لشفائها من جميع الأمراض، ولكن لا شك أن فيها شفاء كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى لو جهله الطب الحديث، ولكن سند العلم بأنواع الحجامة ومنافعها مفقود فيحتاج الأمر إلى علم تجريبي مبني على القواعد العلمية في البحث العلمي.