حول ما نسب لـ"حزب النور" بخصوص الالتزام باتفاقية السلام مع اليهود
السؤال:
أرجو توضيح الأدلة الشرعية التي يستند عليها "حزب النور" في تصريحات السادة مسئولي الحزب عن الالتزام باتفاقية "كامب ديفيد"، وهل هذه المعاهدة مماثلة للمعاهدات المبرمة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحب الكرام -رضوان الله عليهم-؟
مع العلم أن البعض يقول بأنها غير ملزمة؛ لأنها وقعت تحت إكراه من القيادة آنذاك، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأولاً: نحب أن ننبه أنه ليس من حق أي مسلم، بل ولا يجوز له أن يقر بحق إسرائيل في أرض فلسطين؛ لأن أرضها أرض إسلامية منذ فتحها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ فلا يجوز أن تتحول إلى دار كفر، وما حدث من احتلال لها هو أمر باطل شرعًا -حتى ولو كان أمرًا واقعًا-.
ثانيًا: تغيير الواقع المخالف للشرع مرتبط بالقدرة والعجز (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن:16)، (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، ومرتبط بالمصلحة والمفسدة: (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود:88).
وقد جعل الله مكة في أول تعميرها دار إيمان وتوحيد، وبنى إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- بيت الله الحرام على التوحيد، وحدث الشرك بعد ذلك بقرون، وعندما بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوته بقي 13 عامًا وهو بمكة لا يستطيع تغيير الأصنام إلا بالدعوة والبيان، ودخل مكة في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة، أي بعد 20 عامًا من الإسلام، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا، ولم يكسرها؛ دفعًا لمفسدة نقض العهد، وما قد يترتب على ذلك من مفاسد، مع أن مكة وقتها قد تركها المشركون للمسلمين، وكان من جهة القدرة المادية ممكنًا كسر هذه الأوثان، لكن لو حدث ذلك؛ لكان نقضًا للعهد ينفـِّر الناس عن الإسلام.
وعقد النبي -صلى الله عليه وسلم- عهودًا أخرى مع الكفار يترك فيها القتال لمصلحة المسلمين.
فإذا تكلم البعض في "حزب النور" عن عدم إلغاء المعاهدة؛ رعاية للظروف الراهنة التي تمر بها الأمة؛ لم يكن في ذلك خروج عن الشرع وأدلته.
راجع بحث "فقه الجهاد في سبيل الله".