السؤال:
1- ما هي حدود الخلاف السائغ وغير السائغ في مسألة تهنئة غير المسلمين في أعيادهم؟
2- ما هي حدود الخلاف السائغ وغير السائغ في مسألة إلقاء السلام والتحية على غير المسلمين؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فأعياد المشركين ترتبط بعقائدهم المخالفة للتوحيد: كميلاد الرب -سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا-، وقد قال -تعالى-: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا . لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا . تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا . أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا . وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا . إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا . وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (مريم:88-95).
فكيف يمكن لمسلم أن يهنئ مَن يحتفل بهذه المناسبة؟! فهي ليست فقط مجرد احتفال بميلاد المسيح -عليه السلام- "الذي نؤمن به ونحبه حبًا عظيمًا فوق حبهم له، ونحن أولى به منهم"، ولكن الاحتفال بميلاد الرب وولادته!
ولا عبرة بفتاوى تفتقر إلى الأدلة، وتزعم أن التهنئة هي من البر والإحسان الذي أمر الله به، وقد كان اليهود مع المسلمين بالمدينة سنين؛ فهل هنأهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولو في حديث واحد؟! ولو مرة واحدة هنأهم فيها بعيد من أعيادهم؟!
ولقد كان النصارى في الشام ومصر مع المسلمين بعد فتحهما؛ فهلا أوجدونا أثرًا واحدًا صحيحًا عن أحد من الصحابة أو التابعين في تهنئتهم بأعيادهم؟!
كيف ونصوص أهل العلم في تفسير قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان:72)، في أنها تشمل أعياد المشركين؟!
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَطَاوُسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالضَّحَّاكُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمْ هِيَ: أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ".
وأفظع من هذا العيد: "عيد القيامة"؛ لأنهم يحتفلون بقيامة الرب من الأموات بعد صلبه علامة على قهره الموت بربوبيته -بزعمهم-؛ فكيف لمسلم أن يهنئ على مثل ذلك؟!
- أما المناسبات غير الدينية؛ فلا يوجد دليل على يمنع من تهنئتهم عليها: كالزواج، والولادة، وكذا التعزية في الموت بنحو قول القائل: "البقاء لله"، أو: "اتقِ الله واصبر"، دون استغفار أو ترحم على مَن مات على غير الإسلام؛ لقوله -تعالى-: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة:113-114).
وأنا لا أعلم أحدًا من أئمة أهل العلم أجاز تهنئتهم بأعيادهم الدينية.
2- وأما البدء بالسلام؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تبدؤوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ) (رواه مسلم)، وهو نص، ونحن لا نرى خلافًا سائغًا في مخالفة نص.
أما رد التحية -إذا حيونا-؛ فواجب على الصحيح؛ لقوله -تعالى-: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء:86).