الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
حوار- محمد عنز: الأهرام.. (الخميس 14 من ذي الحجة 1432 هـ - 10 نوفمبر 2011 السنة 136 العدد 45629).
لماذا يخاف الناس من السلفيين؟
لماذا يهاجم الإعلام السلفيين دون غيرهم؟
هل تغير موقف السلفيين من المشاركة في العملية السياسية بعد ثورة 25 يناير؟ ولماذا؟
هل يسعى السلفيون للسلطة؟
لماذا سيخوض السلفيون الانتخابات البرلمانية القادمة؟
ما هو الحزب الذي ستؤيدونه؟
هل سيكون للدعوة السلفية مرشح للرئاسة؟ ومَن الذي سيختارونه؟ وما هي معايير الاختيار؟
هل هناك مخاوف مِن حدوث صراع بين الأحزاب الإسلامية؟
لماذا ترفضون الدولة المدنية؟
ما ردكم على مخاوف الأقباط؟
والآن مع الحوار..
الأهرام: في البداية.. لماذا يخاف الناس من السلفيين؟
الدكتور ياسر: السلفيون جزء من المجتمع عاشوا معه في نسيج واحد، ولم ير المجتمع منهم ما يسيء إليه أو يؤذيه، بل كانوا دائمًا في خدمة المجتمع، ولكن بعض وسائل الإعلام المغرضة كوَّنت صورة ذهنية سلبية غير حقيقية عن السلفيين عبر عشرات السنيين، وأدت إلى خوف الناس من السلفيين، خاصة مع وجود ملتحين غير ملتزمين بمنهج السلف والسلفية؛ مما ساعد على عدم وصول الصورة الصحيحة لحقيقة السلفي، وإظهاره على أنه صاحب منهج عنف وتشدد، بالإضافة لوجود حالة من الجهل في المجتمع بين فئات واسعة بمعنى ومفهوم السلفية.
الأهرام: ولماذا يهاجم الإعلام السلفيين دون غيرهم؟
الدكتور ياسر: الإعلام يسيطر عليه الليبراليون والعلمانيون، وهم يعرفون الحجم الحقيقي للسلفيين في الشارع المصري، ويحاولون تحجيم الوجود السلفي، كما أنها محاولة كسب أنصار لليبراليين والعلمانيين؛ لتعويق المشروع الإسلامي، وهو في الحقيقة صراع بين مَن يريد إعلاء الشريعة وتفعيل مرجعيتها المنصوص عليها في الدستور، وبين أنصار المشروع التغريبي الذي يهدف لاستمرار دوران الأمة في فلك الغرب: ثقافيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وفي كل المجالات..
الأهرام: ولماذا تغير موقفكم من المشاركة في العملية السياسية بعد ثورة25 يناير؟!
الدكتور ياسر: لم يشارك السلفيون في العملية السياسية قبل الثورة؛ لأن موازين القوى كانت تفرض على كل مَن يدخل في هذا المجال أن يقدِّم تنازلات، إضافة إلى عملية التزوير المفضوحة التي تجعل من المعارضة مجرد تحسين لصورة النظام المستبد؛ لذلك كنا نقول: إن المقاطعة هي المشروعة حتى تتغير الأحوال، وتتغير موازين القوى.
وليس عدم مشاركتنا في العملية السياسية أننا لم يكن لنا دور في القضايا المؤثرة، فقد كانت لنا دائمًا مواقف واضحة في عامة القضايا، لكننا لم نكن نشارك من خلال صناديق الانتخابات، وعندما وجدنا تغير في موازين القوى وزال هذا المانع؛ سارع السلفيون بالانخراط في العمل السياسي؛ ليُعبِّروا عن كتلة سياسية هائلة ينبغي أن تعبِّر عن وجودها، وقلنا بوجوب المشاركة في هذه المرحلة، وسوف نشارك في الانتخابات مِن أجل اختيار الأصلح.
الأهرام: معنى ذلك أنكم تسعون للسلطة؟
الدكتور ياسر: نحن لا نرغب في السلطة، ولكن نهدف إلى تهيئة المجتمع مِن خلال العمل الدعوي والتربوي بما في ذلك المجال السياسي، وإعداد الكفاءات لمستقبل أفضل.
الأهرام: طالما أنكم لا تسعون للسلطة.. فلماذا ستخوضون الانتخابات البرلمانية القادمة؟
الدكتور ياسر: سنخوض الانتخابات مِن أجل المحافظة على هوية الأمة الإسلامية في كتابة الدستور الجديد، خاصة بعد ما تصاعدت أصوات أثناء الثورة وبعدها للعودة إلى دستور 1923م الخالي من ذكر مرجعية الشريعة بالمرة، إضافة إلى وجود دعوات أخرى لتعديل المادة الثانية من الدستور حتى تصبح الشريعة مصدر رئيس بحذف الألف واللام، وهذا أيضًا مخالف للقرآن؛ لأنه يسمح بوجود مصادر مساوية للشريعة، وترك الساحة لصياغة دستور علماني ليبرالي خطر عظيم على الأجيال القادمة.
كما نريد المشاركة في إصلاح الدولة والمجتمع في المرحلة المقبلة، ولنا تصور في معنى الإصلاح وكيفيته لن يعبِّر عنه غيرنا، وهذا التصور نابع من أن الشريعة الإسلامية تشمل: العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملة، ونظم حياة المجتمع والدولة، والنصوص الشرعية مِن الكتاب والسنة تمثل هذه المرجعية.
الأهرام: أي الأحزاب ستؤيدون؟
الدكتور ياسر: حزب النور أنشئ مِن بعض أبناء الدعوة السلفية، وبالتالي فنحن سنؤيد القوائم التي سيخوض بها الحزب الانتخابات، ونرجو الله أن يوفق قادته لاختيار أفضل الشخصيات.
وأما بالنسبة لمقعد الفردي فلو رأينا شخصية أفضل وأكفأ من الشخصية التي يرشحها حزب النور فسندعو الحزب للانسحاب وتفريغ الدائرة له.
الأهرام: وهل سيكون للدعوة السلفية مرشح لرئاسة الجمهورية؟
الدكتور ياسر: ليس لنا مرشح لرئاسة الجمهورية.
الأهرام: ومَن الذي ستختارونه للرئاسة؟
الدكتور ياسر: نري عدم الانشغال بمرشح الرئاسة الآن؛ لأن أمامنا انتخابات برلمانية، ثم كتابة الدستور، وربما جاء الدستور بنظام برلماني لا يشغل فيه الرئيس منصبًا له صلاحيات مؤثرة.
الأهرام: وما هي معايير اختيار الرئيس القادم؟
الدكتور ياسر: يجب أن يكون حريصًا على مصلحة البلاد، ولا يعادي المشروع الإسلامي، ويتبنى المحافظة على هوية مصر الإسلامية، ويتمسك باللغة العربية، ويحافظ على ثوابت الأمة، وينصر التيار الإسلامي، ويمنع التمييز والاضطهاد ضد السلفيين الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد في عهد النظام السابق.
الأهرام: هل هناك مخاوف مِن حدوث صراع بين الأحزاب الإسلامية؟
الدكتور ياسر: نظام القائمة النسبية يسمح بوجود فائزين متعددين -وليس فائزًا واحدًا فقط-، ونحن نحرص على التنسيق وندعو إليه، وإن كنا لا نقبل التحالف مع الأحزاب الليبرالية والعلمانية، والتنسيق بابه أوسع، والخلاف أمر فطري طبيعي لا بد أن يقع بين البشر، والمهم أن يكون سلوكنا عند الاختلاف حضاري، وأرجو أن تختفي صورة البلطجة المسلحة والصدامات والمعارك بين أنصار المرشحين في الانتخابات، فنحن نريد سلوكًا حضاريًا في هذه الانتخابات كل يدلي برأيه وينصح لأمته، وأظن أن الإسلاميين بفصائلهم المختلفة سيضربون أفضل مثل في هذا السلوك الحضاري -وإن اختلفوا-.
الأهرام: لماذا ترفضون الدولة المدنية؟
الدكتور ياسر: اصطلاح الدولة المدنية نشأ في الغرب؛ لترسيخ فصل الدين عن الدولة، فالدولة المدنية لا تعني أنها غير عسكرية كما يظن البعض، بل تعني أنها: لا دينية، ولا دخل للدين -أي دين- في توجيه شئونها ومبادئها، وجميع الدساتير المصرية منذ نشأتها إلى اليوم لم تنص على مدنية الدولة -هذا المصطلح الغربي-، وأعتبر الذين يحاولون غرسه في الدستور يريدون إشعال النار في طوائف الأمة.
ومصطلح الدولة الدينية عند الغرب: هو دولة يحكم فيها الحاكم الديني أو الدنيوي "البابا" أو الملك والرئيس بالحق الإلهي؛ فكلامه كلام الإله، وتحريمه وتحليله تحريم الرب وتحليله! ونحن نرفضه أيضًا؛ لأن الحاكم في الإسلام: وكيل عن الأمة في إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين.
الأهرام: الأقباط يخشون وصولكم للحكم.. ما تعليقك؟
الدكتور ياسر: لا ينبغي أن يخشى الأقباط أبدًا من الإسلام؛ فما شعر الأقباط طيلة الـ 14 قرنًا الماضية بالأمن والأمان إلا في كنف الإسلام وفي ظلاله، فالله -عز وجل- أمرنا أن نعطيهم حقهم، ولا نكرههم على ترك عقيدتهم، ولا ترك دينهم، بل نعاملهم بالبر والقسط والإحسان ما لم يحاربونا في الدين، وأكبر تطمين للأقباط أنه بالرغم من انعدام الأمن في كل أنحاء مصر في أثناء الثورة؛ فإنه لم يحدث أن تم الاعتداء على أي شخص منهم، ولم تتعرض كنائسهم لأذى، بل على العكس فإن السلفيين هم الذين حموا الكنائس من الاعتداء عليها من البلطجية.
ومن التطمينات أيضًا: أننا كمسلمين تعَاملنا مع الأقباط طوال هذه السنين كشركاء وزملاء في العمل دون أي اعتداء عليهم، فما تعرضوا لأي اضطهاد طوال الفترة الماضية.