كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ثانيًا: مراحل اتخاذ القرار:
أولًا: التنبه:
يعني وجود أمر ما أو حادث ما منبِّه ودافع للدخول في عملية اتخاذ القرار.
بعض الأمثلة التوضيحية:
1- موت النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان دافعًا لضرورة العمل على اختيار مَن بعده.
2- غياب الناس عن المساجد: عَرَض لوجود خللٍ ديني مجتمعي يحتاج إلى إجراءات دعوية تصحيحية.
3- امتناع الزوجة عن تأدية حقوق زوجها: منبِّه لضرورة تصحيح بعض الأمور الأسرية.
4- ارتفاع درجة حرارة الجسم: يحتاج الأمر معه لتدخل طبيب؛ للنظر في نوع المرض والعلاج.
5- الإعلان عن مواعيد إجراء انتخابات سياسية: منبه لضرورة الإسراع في الاستعدادات اللازمة.
6- وجود تراجع في المبيعات: مؤشر مهم يدفع لإجراءات وقرارات تصحيحية في الشركة.
ثانيًا: الإدراك:
إدراك السبب الحقيقي للمشكلة الواقعة للدخول في عملية اتخاذ القرار بطريقة صحيحة؛ بمعنى (تحديد السبب الحقيقي الذي يحتاج إلى اتخاذ قرار بشأنه).
ففيما يتعلق بالأمثلة المذكورة في الخطوة الأولى (خطوة التنبيه)، فإن خطوة الإدراك تتمثل -مثلًا- في الآتي:
1- اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة منهم، كان سببًا مباشرًا في سرعة توجه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- لهم؛ لحسم الأمر.
2- أسباب نفور الناس من المسجد: (تعامل الملتزمين مع الناس - الانهيار الإيماني - إلخ).
3- سبب امتناع الزوجة عن تأدية الحقوق: (سوء التعامل من الزوج - البخل - الغزو النسوي - إلخ).
4- سبب السخونية: (التهاب حلق - مرض تيفودي - إلخ).
5- الاستعداد للانتخابات بسبب: أهمية الوجود الإصلاحي المؤثر في هذه المساحة، وأثر ذلك على المجتمع.
6- تراجع المبيعات بسبب: (وجود منافس في السوق - سوء الجودة - ضعف التسويق - إلخ).
ثالثًا: ترتيب مسارات وخطوات اتخاذ القرار:
1- تحديد مصادر المعلومات اللازمة للقرار.
2- تحديد الأفراد الذي يجب استشارتهم عند اتخاذ القرار.
3- تحديد مَن له الحق في اتخاذ القرار أو مَن يجب عليه اتخاذ القرار.
4- تحديد المسؤول عن تبليغ القرار وتسويقه.
5- التحديد الواضح للمسؤول عن تنفيذ القرار والمدة الزمنية المناسبة للتنفيذ.
البند الثالث: محددات اتخاذ القرار:
أولًا: المنطلقات الحاكمة:
هذه المنطلقات تختلف من كيان لكيان، ومن فرد لآخر، والكيان الإصلاحي الصادق والمتبع للنهج الصحيح يجب أن تتمثل منطلقاته في تحقيق الأصل الذي خلق من أجله الخلق؛ وهو: "تحقيق العبودية"، وهذا الأصل يرتكز على عدة مرتكزات مهمة، يجب أن تكون راسخة في عقلية متخذ القرار.
1- التفريق بين عقلية الصالح وعقليه المصلح من حيث النظر إلى المسئولية الواقعة عليه تجاه من حوله عند اتخاذ القرار.
2- إدراك أن هناك فرقًا بين الممكن المتاح وبين الأحلام والآمال.
3- الموازنة الدائمة بين خير الخيرين وشر الشرين.
4- ضبط مساحات الرفض ومساحات التفاوض عند اتخاذ القرار.
ونقصد بـ"مساحات الرفض": تلك النقاط المرفوضة، والخطوط الحمراء غير المقبولة والتي تعتبر خارج النظر والقبول، وهي تمثل في الغالب المبادئ الشرعية والأيدلوجية والأصول المنهجية التي يتبناها الكيان والتي سبق أن بيناها في مرتكز المنهج؛ مثل: (المرجعية والهوية - استقرار الوطن - نفع الناس وحمل همومهم وعدم الإضرار بهم إضرارًا معتبر شرعًا).
ونقصد بـ"مساحات التفاوض": تلك النقاط القابلة للتمدد والانكماش، والاجتهاد والنظر فيها للحصول على أكبر مكاسب وأقل مفاسد، وهي كل ما لا يطلق عليها "بينات وثوابت شرعية" .
وبالجملة؛ فضبط تلك المنطلقات الحاكمة يحتاج إلى:
1- فهم عميق للمبادئ والقواعد الكلية والأصول المنهجية للكيان.
2- إدراك الواقع الحقيقي واستصحابه.
3- عدم الغرق في الماضي أو المأمول.
4- ثبات المبادئ مع مرونة المواقع.
5- جودة ضبط قواعد المصالح والمفاسد.
6- النظر في المضمون المطلوب تحقيقه دون الجمود على الوسيلة المحققة له، بشرط عدم مخالفة الوسيلة لقواعد الشرع "فالوسائل لها حكم المقاصد".
وللحديث بقية -إن شاء الله-.