الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 29 يناير 2025 - 29 رجب 1446هـ

هذه القاعدة ليست عبثًا

كتبه/ إسلام صبري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

(الدعوة إلى تعلم العلم النافع بشموله كله، والقيام بذلك من أهم الواجبات الشرعية).

هذه القاعدة ليست عبثًا، وإنما يعرفها حق المعرفة ويوقن بها مَن يمارس أمر التعلم والتعليم، وإفتاء الناس، ودعوتهم للتوحيد والعبادات، فيجد أسئلةً كثيرةً تأتي إليه في كل باب من أبواب العلم والفقه، بدءًا بالعبادات مرورًا بالمعاملات، وصولًا لأبواب الزواج والطلاق، ونحوها؛ فضلًا عن الشبهات والاستفسارات في العقائد وغيرها، ويجد شيئًا -ليس بالقليل- من الجهل منتشرًا بأحكام الشريعة حتى بين كثير من المتسننين، بل والمتصدرين للدعوة والإصلاح، ويوقن أن طريق العلم والتعليم مع طوله يؤتي ثمارًا يانعة، ويترك آثارًا نافعة، وهو أهم طريق وأخصرها -ولو تُوُّهِمَ أن غيرها أخصر- لحصول نصرٍ وتمكين، ولإعلاء كلمتي الحق والدين.

ويستبشر سالكه بما يرى من آثار ذاك الطريق النافعة، ومعالجاته الناجعة، وبما يلوح له من دلائل صحة سيره الدامغة، وكيف يعينه على تجاوز كل نازلةٍ ونائبةٍ؛ فهو طريق الأنبياء بلا امتراء، وطريق من تبعهم من المصلحين والعلماء، ويحمل المُوَفَّقُ لهذه الطريق نفسَه عليها حتى تصير له بعد ذلك منهج حياة، ويستقلُّ معه كل مشقة ومعاناة، وفيه يجد لذتُه ومُناه، فيستمر عليه إلى أن توافيَه المَنِيّةُ وتَحِلَّ به الوفاة.

ولذلك كان أحمد بن حنبل -رحمه الله- يقول: "مع المحبرة إلى المقبرة!"؛ إشارة منه إلى لزوم العلم والتعليم إلى أن يلقى خالقه ومولاه.

وقال إمام المفسرين أبو جعفر بن جرير الطبري -رحمه الله-: "لما دخلت مصر لم يبقَ أحدٌ من أهل العلم إلا لقيته وامتحنني".

وقال ابن القاسم -رحمه الله-: "أفضى بمالك بن أنس -رحمه الله- طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه!".

وقال بعض السلف: "العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك".

والآثار في هذا أكثر من أن تُحْصَى، وليس المقصود إهمال النفقة الواجبة عليه على نفسه وأهل بيته بما يغنيهم عن الحاجة، بل مقصودنا أن يعطي المرءُ منّا العلمَ أفضلَ أوقاته، وسيجد بعد ذلك أن لذته الحقيقية في طلب العلم وبذله، وسيوقن بأن أفضل طريق لنصرة دين الله -تعالى- هو العلم النافع والدعوة إلى الله به؛ قال الله -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف ???).