الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 29 يناير 2025 - 29 رجب 1446هـ

عقوق الوالدين.. أسباب وآثار وطرق العلاج

كتبه/ مصعب إبراهيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فعقوق الوالدين من أعظم الذنوب التي حَذَّر منها الإسلام، وهو من الأفعال القبيحة التي تضعف العلاقات الأسرية، وتؤدي إلى انهيار قِيَم البر والإحسان؛ لذلك حثَّ الإسلام على الإحسان إلى الوالدين وأوصى بطاعتهما، وأكد على أنَّ العقوق يعد من الكبائر التي تؤدي إلى الكثير من المفاسد في الدنيا والآخرة.  

مفهوم عقوق الوالدين:

العقوق يشمل الإساءة إلى الوالدين بالأقوال أو الأفعال، ويشمل ذلك إهانتهما، أو التقصير في حقوقهما، أو عدم الاستجابة لمطالبهما المشروعة. وقد يظهر العقوق في صورة لامبالاة، أو تجنب الحديث مع الوالدين، أو عدم مساعدتهما في أمورهما اليومية، أو حتى في ردود الأفعال القاسية تجاههما.

أسباب عقوق الوالدين:

- التربية غير السليمة وغير الصحيحة: فإنه إذا نشأ الشخص في بيئة لا تعلمه قِيَم البر والإحسان، فإنه قد لا يدرك أهمية احترام الوالدين وطاعتهما.

- الجفاف العاطفي: إذ يعاني البعض من مشاعر الجفاف العاطفي أو فقدان الترابط العاطفي مع الوالدين نتيجة لظروف حياتية معينة: كالتوتر الأسري، أو الانشغال الدائم بالعمل.

- التأثيرات السلبية للجيل الجديد: تأثر الشباب بالثقافات الغربية قد يؤدي إلى تصورات خاطئة حول العلاقة بين الأبناء والآباء، مما يؤدي إلى تقليص قيمة الاحترام والإحسان.

- مشاكل نفسية أو اجتماعية: قد تؤدي المشاكل النفسية أو الاجتماعية؛ مثل: الغضب الشديد، أو سوء التفاهم، أو الضغوط الحياتية إلى عقوق الوالدين.

آثار عقوق الوالدين:

- العقوبة في الدنيا: من آثار العقوق في الدنيا الشعور بعدم الراحة النفسية، وعلاقة الأجيال ببعضها قد تتعرض للتدهور، وقد يحدث أيضًا تدهور في الصحة العامة، وقد يظهر ذلك في مشاكل صحية نتيجة للتوتر النفسي.

- الحرمان من البركة: عقوق الوالدين يؤدي إلى الحرمان من البركة في الرزق والوقت؛ فلا يستفيد الشخص من وقت فراغه، ولا من أمواله كما ينبغي.

- العقوبة في الآخرة: فعقوق الوالدين من الكبائر التي تؤدي إلى دخول النار؛ فقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- في العديد من الأحاديث أن عقوق الوالدين من الأسباب التي تؤدي إلى غضب الله.

طرق علاج عقوق الوالدين:

- الرجوع إلى الله -تعالى-: فأول وأهم خطوة في علاج عقوق الوالدين هي التوبة الصادقة من هذا الفعل، فيجب على الشخص أن يندم على ما فعله، ويسعى للتقرب إلى الله بالتوبة والاعتراف بخطئه.

- طلب الصفح من الوالدين: يجب على الشخص الذي وقع في عقوق والديه أن يسعى جاهدًا للاعتذار لهما وطلب الصفح منهما، مع تقديم الاعتناء والرعاية لهما.

- تعليم الأبناء احترام الوالدين: التربية الصحيحة للأبناء على احترام الوالدين منذ الصغر تساهم في بناء مجتمع يعزز هذه القيم.

- التواصل الفعَّال مع الوالدين: ينبغي أن يخصص الشخص وقتًا للتواصل مع والديه؛ سواء من خلال مكالمات هاتفية أو زيارات دورية. هذا يساعد في بناء علاقة صحية بين الأجيال.

- اللجوء إلى استشارات أسرية: في حال كان العقوق ناتجًا عن مشاكل أسرية أو نفسية معقدة، فإن اللجوء إلى مختص في العلاقات الأسرية أو الاستشارات النفسية يمكن أن يكون حلًّا فعَّالًا لمعالجة هذه المشكلات.

الخاتمة:

إن عقوق الوالدين من الأفعال التي تهدد الاستقرار العائلي وتؤدي إلى مفاسد اجتماعية ودينية؛ لذا يجب أن نحرص على تطبيق قيم البر والإحسان، وأن نتذكر دائمًا أهمية الوالدين في حياتنا. وإنَّ المعاملة الحسنة مع الوالدين يجب أن تكون جزءًا من طبيعتنا اليومية؛ لأن ذلك يعود علينا بالبركة والسكينة في حياتنا.