كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ثانيًا: الثقافة والضوابط التنظيمية اللازمة للعمل داخل الكيان أو المؤسسة:
تعد الثقافة التنظيمية والضوابط الحاكمة للعمل داخل الكيانات الإصلاحية أحد أهم عوامل نجاح تلك الكيانات في تحقيق الإصلاح المنشود، وتتمثل بعض هذه الضوابط في عدة عناصر مهمة؛ منها:
1- استشعار النعمة والتحلي بالمسئولية الإصلاحية عند الأفراد العاملين.
2- وضوح آلية اتخاذ القرار داخل المؤسسة، والحرص على أخذها بطريقة صحيحة.
3- ضبط علاقة الفرد بالمجموع في العمل الجماعي المؤسسي.
4- التوازن بين المسارات البنائية والانتشارية.
5- تحقيق الشمولية والحرص على التكاملية.
6- ضمان الاستمرارية.
العنصر الأول: استشعار النعمة والتحلي بالمسئولية الإصلاحية:
أولًا: استشعار النعمة:
المسئولية الإصلاحية أمانة عظيمة، ومِنَّة مِن الله يمنُّ بها على مَن يشاء مِن عباده الذين اصطفاهم لحمل ميثاق العبودية، ونشره بين الخلق؛ فهي من أَجَلِّ النِّعَم التي تستوجب الشكر لله؛ لذلك لما أمر -تعالى- عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأمرهم بالقيام بالحق والشهادة بالعدل، وذكَّرهم نعَمَه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى، وقد أخذ عليهم العهد في ذلك والميثاق على متابعة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ومناصرته، ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغه عنه، كما جاء ذكر ذلك في أوائل سورة المائدة في قوله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (المائدة: 7)، شرع يبيِّن لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على مَن كان قبلهم مِن أهل الكتابين -اليهود والنصارى- في حمل هذا الميثاق حيث قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا) (المائدة: 12).
يعني بجعل عُرَفاء منهم -أي: أمناء ضامنون على القوم، مسئولون عن حمل الأمر لمن خلفهم- على قبائلهم بالسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه، بما يتضمن تحقيق ميثاق العبودية في الخلق.
وعلى هذا فاستشعار النعمة بالتواجد في العمل الإصلاحي المحقق لميثاق العبودية، وتحمل تلك المسئولية الإصلاحية من كافة الأفراد في الكيان الإصلاحي يعد من أول مبادئ الثقافة الإصلاحية، وهو حجر الأساس في تحقيق النجاح المنشود للفرد والمجموع.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.