الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعد المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة ثم في الضفة، وبعد مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني -عامتهم من النساء والأطفال والمدنيين- في رحلة بحثه عن استعادة هيبته المبعثرة في السابع من أكتوبر؛ توجَّه جيش الكيان الصهيوني بعدوان غاشم، وصعَّد من هجماته على لبنان، وبدأ في استهداف المدنيين.
وهي عداوة غير مستغربة من اليهود: قال الله -تعالى-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة: 82)؛ كما أن العداوة ليست قاصرة على اليهود فقط، ولكنها تشمل أيضًا المشركين.
وحقيقة الأمر: أن مَن ارتكب المجازر في حقِّ إخواننا في فلسطين، وفي حق اللبنانيين الآن، ليس اليهود وحدهم، بل هم اليهود ومَن أمدهم بالسلاح، ومَن قدَّم لهم الدعم المادي والدعم الدبلوماسي والاقتصادي، ومِن مكر الله بهم أنهم حين يزيد بطشهم وأذيتهم للمسلمين؛ فذلك إيذان بأن ينزل الله عليهم بأسه وعقابه؛ قال -تعالى-: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف: 129).
ووسط صمت كصمت الأموات من المنظمات الدولية، لم تعد دولة الكيان الصهيوني تعمل حساب لأحدٍ، وتحت ذريعة عودة سُكَّان شمال إسرائيل تهجِّر مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يعانون من أزمات اقتصادية غير مسبوقة، وصراعات سياسية مزمنة.
ومن المعلوم: أن المواجهة في لبنان هي بين اليهود -عليهم من الله ما يستحقون- وبين حزب الله ذراع إيران في لبنان، ونحن وإن كنا لم ننسَ لحزب الله جرائمه ضد أهل السُّنة في: سوريا، والعراق، واليمن؛ إلا أننا عندما تكون المواجهة بين أهل الكفر والعناد وبين أهل البدع -كمن يعتقدون عقيدة الرافضة؛ مثل: حزب الله- يختلط الأمر بين محبوبات ومكروهات.
ينبغي أن ننبِّه عليها:
- فالمسلم يفرح بنزول البأس بالكافرين، ويحزن بنزول البأس بالمسلمين في دينهم أو أعراضهم أو أموالهم؛ ولو كانوا من أهل البدع، ويسأل الله أن يحفظ دماء المسلمين وأعراضهم.
- لا يفرح المسلم بقتل كافر لمبتدع ولو كان من الرافضة؛ إلا غلاة الرافضة الذين يؤلِّهون غير الله؛ فهؤلاء أشر من اليهود والمشركين؛ فالمرتد شر من الكافر الأصلي.
- أكثر أهل السنة على عدم تكفير الرافضة بالأعيان ولا بالعموم، مع العلم أن هناك أقوالًا مكفِّرة من أقوالهم نوعًا، تحتاج إقامة الحجة قبل ثبوت ذلك على الأعيان.
ونحن نهيب بجميع المسلمين السعي نحو الوحدة والاعتصام بحبل الله، وأن يكونوا قوة يعمل لها حساب، وأن يأخذوا عنصر المبادرة من العودة إلى الله، وإلى تطبيق معاني الأخوة الإيمانية، وألا يتركوا مصيرهم تقرِّره مواجهات بين اليهود وأهل البدع؛ فالمنتصر يسعى أن يفرض إرادته على الجميع.
وندرك معاناة أهل السنة في لبنان الذين ينالهم نصيب كبير من القصف والتدمير في معركة لم يختاروا وقتها، ولم يستعدوا لها حتى بما يحميهم، ثم عندما تعقد الصفقات تعقد بالخصم من مصالحهم.
ونقف مع الشعب اللبناني العربي المسلم الذي بدأ يعاني ما عاناه سكان غزة والضفة، وندعو الله أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، وألا يجعل للكافرين على المسلمين سبيلًا، وأن يهدي مَن ضل مِن أهل الإسلام ويردهم إلى دينه ردًّا جميلًا.
ونسأل الله أن يكف بأس اليهود وأعوانهم عن المسلمين، وأن يحفظ المستضعفين من المسلمين في فلسطين، وفي لبنان، وفي كل بقاع العالم؛ فهم مَن يدفع الفاتورة في نهاية الأمر.
فاللهم وحِّد صفَّ المسلمين، وألِّف بين قلوبهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
الدعوة السلفية بمصر
الثلاثاء 21 ربيع الأول 1446هـ
24 سبتمبر 2024م