الله يصنع لدينه.. فلا تحزنوا ولا تبتئسوا ولا تتباءسوا
كتبه/ أبو بكر القاضي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة: 143).
ما كان ليضيعنا ولا يضيع دعوتنا ومشايخنا وإخواننا، ونحن نحسن الظن به ونتمسك بغرس سلفنا متضرعين متذللين له.
العمل العمل والبذل البذل، والأمل الأمل... بلا تعب ولا فتور ولا كلل، (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146).
الصبر والثبات والصمود في وقت المحن وفقد الرجال بالتعلق بالله وبرحمته هو حقيقة العبودية والتوحيد، ونصر المنهج والعقيدة الذي يمتد وإن مات شخوص حامليه في سبيل إعلائه؛ مشكاة التوحيد في قلب أنس بن النضر -رضي الله عنه-: "إن كان محمد -صلى الله عليه وسلم- قد قتل، فرب محمد لم يقتل"، هي نفسها في قلب أبي بكر -رضي الله عنه- بعد تسع سنوات: "من كان يعبد محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".
فاحملوا المنهج وتعلقوا به وانظروا إلى الشخوص أنهم وسائل ومراحل ومحطات لإيصال الحق للخلق، والحق يمتد من بعدهم ولا يحجبه شيء، (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف: 8).
يموت الأنبياء ويخلفهم صحابتهم، ويموت العلماء، ويخلفهم تلاميذهم في العلم والعمل والدعوة والجهاد، والصدق والوفاء؛ فتنفسوا الصعداء، واحملوا المشاعل، وخذوا إرث دعوتكم بقوة، وانطلقوا ولا تتوقفوا حتى يأتيكم اليقين مستعملين لا مستبدلين.