كتبه/ حسن حسونة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهذا نداءٌ على الشبابِ؛ فهم لسان الأُمة الناطق، وقلبها النابض، وجيشها المدافع عن كرامتها، وتقاس الأمم بقوةِ وعطاءِ أبنائها الشباب.
فهذا نداءٌ عليهم لتذكيرهم بنعمة دينهم، وقيمة أعمارهم، ولحظات حياتهم، ثمّ نُنير لهم الطريق في خطوات للسير عليها لعلها تُغيرُ من مسار حياتهم؛ فنتحصل على الجيل المنشود -جيل التمكين-، فمرحلة الشباب أقوى المراحل التي تَمرُ بحياة الإنسان، ذكرها الله بين مرحلتي ضَعفٍ، فقال الله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم:54).
ففي هذه المرحلة العمرية يستطيع الشاب أن يقدم أشياء كثيرة، وأن يبذل لدينه وأُمتهِ، وبلدهِ، ويقدر فيها على العبادة مِن: صلاة، وصيام، وحج، وقيام الليل، وحفظ للقرآن والجهاد، إلى غير ذلك، ويقدر على العمل لبناء المستقبل الباهر لنفسه، وبلده، وأمته.
ولهذا وَجَّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنظار الشباب لاغتنام هذه المرحلة، فقال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).
وبشَّر الشاب الذي حافظ على نفسه من الانغماس في الشهوات والشبهات، وحافظ على طاعة ربه ونشأ فيها، بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، فقال في حديث السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (شابٌ نشأ في عبادةِ الله) (متفق عليه).
وأعطى القرآن أمثلةً واضحةً للعطاءِ والبذلِ، ونماذج للاقتداء والتأسي، فذكر قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- حينما حطَّم أصنام الباطل، فقال القوم: (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) (الأنبياء:60)، وذكر عن فتية الكهف أنهم كانوا شبابًا فروا بدينهم من ملاحدة قومهم لمّا استقر الإيمان في قلوبهم.
وفي سيرة النبي - صلى الله عليه وسلّم- أمثلةٌ رائعةٌ من شبابِ الصحابة ممَّن آثروا الآخرة على حُطام الدنيا الفاني، فضربوا الأمثلة في التمسك بالعقيدة الصحيحة، والعبادة، والجهاد في سبيل الله والإنفاق، إلى غير ذلك؛ مِن أمثال أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عوف، وخالد بن الوليد، إلى غيرهم -رضي الله عنهم- من الصحابة الكرام، فنحتاج يا شباب أنَّ نسيرَ على طريقهم، وأن نتشبه بالقوم وإن لم نصل إلى ما وصلوا إليه.
لكن كيف يكون ذلك؟
أولًا: حدِّد هدفك، وحاول أن تُجيب عن هذه الأسئلة: ماذا تريد؟ مَن أنت؟ لماذا خُلِقت؟ أين أنت غدًا؟ فهذه الأسئلة تساعدك في وضع هدفك، وأعظم الأهداف: أن تُحقق رضا الله لتنال سلعة الله الغالية "وهي الجنة"، وترافق النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة.
وهذا الهدف يحتاج لطريقٍ تَسلكه، وهو: الصراط المستقيم الذي تركه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، فتحتاج للعلم النافع والعمل الصالح.
فلا بد أن تبحث عن قدوتك؟!
ولا شك أن قدوتنا جميعًا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء والمرسلين، فأقبل على العلماء الربانيين الذين يضعونك على الطريق.
وأوجد الرفيق الصالح الذي يعينك، وتجنّب صديق السوء فإنه مُعوق من معوقات الوصول إلى الهدف، فالصاحب ساحب، والمرءُ على دين خليله، فثبِّت وسائل الإنارة، وتجنب معوقات الوصول لتصل إلى هدفك.
واجتهد في الدعاء، واطرق الباب ليُفتحَ لك، ولا تقف مَكتوفَ الأيدي وراء الباب، وتقول: "لما ربنا يهديني!"، وما أدراك أن الله لا يريد لك الهداية؟!
فداوم طرق الباب ليُفتحَ لك.