كتبه/ غريب أبو الحسن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
كيف تتعس شريكة حياتك؟
أخي الزوج تقول الأسطورة: إن المرأة تحب من أذنها، فتجنَّب تمامًا أن تسمعها كلمات الحب والثناء، وردد في نفسك: أن الحب مواقف؛ فيكفي أنك تكد وتتعب من أجل عائلتك!
يكفي أنك توفِّر لهم متطلبات الحياة، وأنك تحميهم من أخطار الدنيا! وأقنع نفسك أن هذا كافٍ، واحرص أن يجف لسانك من كلمات الحب والثناء والتقدير، فكلما جفت كلمات الحب ذبلت المرأة وتسللت التعاسة لها حتى تستوطن نفسها.
- والبخل طريق سريع نحو التعاسة والتقتير على الأهل مع السعة في الرزق، كالعيش في الجو الحار في غرفة زجاجية مقامة وسط حديقة غناء ترى النعمة والجمال، ولا تذوق إلا الحر والمعاناة، ولا تجعل بخلك قاصرًا على المال، بل أتبعه ببخل المشاعر، بل هما في الحقيقة متلازمان متصحابان يعذِّبان البدن والروح في وقتٍ واحدٍ.
- ومن وسائل إتعاس زوجتك الناجحة: أن تحصي عيوبها وتعددها، وتضعها جوار بعضها ولا تنظر لها إلا بعين السخط؛ فعين السخط تبدي المساويا.
ودعها بعد يوم طويل في المطبخ وهي متشوفة لرأي أسرتها في طعامها، وهي تنتظر كلمات الثناء والتقدير على هذا الجهد، وقل لها: إن الأكل عادي أو بارد أو نيء دون الثناء على باقي الأصناف، ولا على الجهد المبذول، علِّق على لبسها وحجمها وشكلها تعليق المتأفف الذي يقول في نفسه، لقد كنت أستحق أفضل من هذه! وتأكد أن هذه التعليقات كفيلة بأن تجعلها الليالي تلو الليالي في تعاسة.
- وإن تزوجتها في بيت أهلك؛ فلا تجعل لها خصوصية، بل يدخل أهلك شقتها حينما يريدون، ووقتما يريدون، وحيثما يريدون، أو اجعلها تخدمك وأولادك وأهلك، وكأنها أمة حبشية قد اشتريتها من سوق الرقيق، وكأن خدمتها لهم واجب عليها! ودعها تقارن بين حياتها في بيت أبيها حيث الراحة والسعادة والسكون وبين المعيشة في بيت أهلك حيث التعب والشقاء وقلة التقدير؛ فأي تعاسة بعد تلك الحياة؟!
- وعاملها كما تعامل صديقك، وأصر أن يكون كل نقاش بينكما هو نقاش موضوعي ومنطقي، وحاول في كل نقاش أن تفحمها بالحجة والبرهان، وتناسى أنهن عاطفيات، وأن بعض كلمات الحب أعظم أثرًا من عشرات الأدلة والبراهين، وأن التغافل أحيانًا أنجح من علاج الخلافات بالمناظرات.
- وعندما تعود من العمل بعد يوم شاق بادر إلى الطعام ثم النوم، ولا تعطيها وقتًا للحديث، ولا أن تبث لك تلك القصص التي ادخرتها لك والتي تراها أنت تافهة، ولكنها عندها ليست كذلك، ولا تلتفت إلى أنها طيلة اليوم تنتظرك وأنها لم تحادث أحدًا طيلة اليوم، وأنها تشتاق أن تتبادل معك الحديث؛ فهي يجب أن تتفهم أنك بحاجة للراحة، ويجب عليها أن لا تأخذ من وقت نومك من أجل حديثها الذي لا ترى فيه فائدة، ولا تلمح له أي أهمية.
- وافتح بمناسبة وبغير مناسبة موضوع التعدد، وأنه حق أصيل للرجال، وأن فلانًا قد استطاع أن يعدد ويعيش حياة هنيئة سعيدة، وإن لم تستطع أن تتحدث فيه حديثًا جادًّا، فلا مانع من تكرار الهزار السمج المتكلف حوله، فهو يجلب على قلبها التعاسة بلا شك.
- كن فظًّا غليظًا سليط اللسان تصنع لك مهابة وخوفًا في البيت، واجعل قدومك للبيت يرتجف منه من في البيت، فضرب الوجه والتقبيح كفيل بأن يملأ بيتك بالتعاسة، وأن يملأ قلوب أهلك خوفًا منك ثم بغضًا لك.
- وكن حكيمًا عطوفًا خارج البيت؛ يرى الناس منك مكارم الأخلاق والمساعدة، فإذا دخلت البيت كنت بلاءً على مَن في البيت، ودعهم يطلبون منك أن تعاملهم كما تعامل الأغراب، فشعور أهلك أنهم آخر مَن يصيبهم الخير منك، كفيل بأن يصب عليهم التعاسة صبًّا.
- لا تفرد مساحة لشريكة حياتك من وقتك، ودعك ممَّن يقول: إن أهم شخص في حياتك هو شريك حياتك، وأن سعادته ينبغي أن تكون على رأس أولوياتك؛ لأن سعادته ببساطة ستنسحب على سعادتك، ولا تجعله حاضرًا في جدول يومك، وأقنع نفسك أن كل ما تقوم به من عمل وسعي وكد هو في النهاية دليل على اهتمامك بشريك حياتك، أما الاستماع له والخروج معه وضمه وإسماعه عذب الحديث؛ فهذه من فضول القول، ولا تملك هذه الرفاهية، فأنت عندك أفواه تحتاج أن تسد، ومصاريف تحتاج أن تدفع.
- لا تساعد في أعمال المنزل، ولا تشفق ولا ترحم؛ فلكل منكم رسالة في الحياة؛ فأنت تصارع في الخارج وحدك وهي ينبغي أن تصارع وحدها في الداخل، ولكل منكم مساحة عمل، واستمع لوشاية الواشين الذين يرون تقديم المعونة للزوجة دفعًا لها نحو الكسل والركون، وترك مهامها الزوجية!
وأخيرًا -أخي الزوج وأختي الزوجة-: هذه نصائح سلبية، هي خلاصة عامة المشاكل التي تضرب العديد من بيوتنا، والتي تسببت في الانفصال والطلاق والمواجهات الطويلة في ساحات المحاكم، وهي جذور لغيرها من المشاكل الزوجية التي يصعب حصرها أو الحديث عن تفاصيلها، ومعرفة تلك المزالق مهم؛ لنتجنب السقوط فيها، فتنقلب حياتنا الزوجية من سبب للسعادة والسكن إلى سبب من أسباب التعاسة والمعاناة، والتي تنسحب على أولادنا، ومَن نحب، وقد قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) (رواه مسلم)، والسعيد مَن تجنَّب مزالق الشر، وسلك طريق المعروف والخير.