كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
- اعلم أن هناك فروقًا فردية بين الأولاد، وليس شرطـًا ما كان ناجحًا مع ولدٍ أن يكون ناجحًا مع ولدٍ آخر، والمربي الناجح هو الذي يحاول أن يتفهم طبيعة ابنه، وما عنده من مميزاتٍ وعيوبٍ، فيرفع من المميزات ويحاول استغلالها، ويعالج جاهدًا صابرًا عيوبه بجميع وسائل التربية.
- وأنت في تأديتك هذه الأمانة، وصبرك عليها مأجور، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)، وما تؤمله في فضل الله -تعالى- أن يرزقك الله ولدًا صالحًا، دافع عظيم إلى بذل الجهد والصبر، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ؛ فلنتوجه إليه -تعالى- في ذلك.
ولا بد من الأخذ بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: (لاَ تَغْضَبْ) قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: "فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُ -صلى الله عليه وسلم- مَا قَالَ فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ" (رواه أحمد، وصححه الألباني).
ولا بد من كظم الغيظ، وتجرع المرارة، وقد فسَّر الأئمةُ: "ابن المبارك"، و"أحمد"، و"ابن راهويه" -رحمهم الله- حُسنَ الخُلقُ: بترك الغضب، ومعنى لا تغضب: إما الأخذ بأسباب حسن الخلق من: الكرم، والحلم، والحياء، والتواضع، واحتمال الأذى، والصفح، وكظم الغيظ، ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة التي إن تخلقت بها النفس؛ أوجب لها دفع الغضب عن حصول أسبابه.
وإما عدم العمل بمقتضى الغضب، بل يجاهد نفسه على ترك تنفيذه، والعمل بما يأمر به؛ لأنه إذا ملك الإنسان كان هو الآمر الناهي.
وعلاج الغضب: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: كما جاء في "الصحيحين"، وتغيير الوضعية؛ فإن كان قائمًا فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب؛ وإلا فليضطجع كما جاء في "مسند أحمد". والسكوت كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَسْكُتْ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)" (انتهى بتصرفٍ من جامع العلوم والحكم).
كيف نعالج خطأ الطفل؟
أولاً: علينا بالرفق واللين والرحمة، والبُعد عن العبوس والتجهم والعنف؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَا عَائِشَةُ، ارْفُقِي، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ" (رواه مسلم).
- وعليك أن تُعوّذهم من الشيطان والعين كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوّذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ويقول: (إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ) (رواه البخاري). والعين اللامة هي: العين المؤذية بالحسد.
وعن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى صبيًّا يبكي فقال: (مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي؛ فَهَلاَّ اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ؟!) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا؛ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا" (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).
- وأن تدعو لهم، لا أن تدعو عليهم: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ) (رواه مسلم).
- وقد جاء رجل إلى ابن المبارك -رحمه الله- يشكو ولده، فقال له: "هل دعوت عليه؟ قال: نعم. قال: أنت أفسدته!".
فالحذر من الدعاء على الولد، فقد يستجاب الدعاء فيفسد الولد ويشقى، وتزداد المشكلة تعقيدًا، ولعلاج هذا: لا بد من الدعاء له مرة أخرى بالصلاح؛ لتُزيل الدعوةُ له الدعوةَ عليه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
يتبع -إن شاء الله-.