حكم مَن يقول: إن الإسلام لم يحتكر الحقيقة الإلهية وحده!
السؤال:
سمعت مَن يقول في إحدى البرامج: إن الإسلام أسبق الملل على وجه الأرض في تأكيدها على قيمة التسامح والتعايش، والتسامح الديني يدعو إلى احترام عقائد الآخرين، ورسالة الإسلام معنية باللطف والسهولة، والكرم والعطاء، ورفع الحرج.
والتسامح مِن أهم عقائد وأركان الأخلاق الإسلامية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحصر أركان الإسلام في 5 أركان فقط، فالإسلام بني أيضًا على الأمانة، والنظافة، والعدل، والرحمة، والتسامح، وبر الوالدين"؛ لذلك العلماء قالوا: إن الأركان الـ5 جاءت للتمثيل فقط.
والله -عز وجل- لو أراد استبقاء الإسلام وحده، لفعل ذلك، فإن الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه العزيز: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود:118)، وقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)، وليس المسلمين، وسورة الناس ليست اسمها سورة المسلمين، فأول المصحف: "رب العالمين"، وآخره: "رب الناس"؛ دليل على أن الإسلام لم يحتكر الحقيقة الإلهية وحده، أو المعرفة التوكيدية أو قضية الإيمان وحده، لكنه يحترم كل المشاعر والشعائر والأديان، وغير المسلمين ليسوا نكرة أو رجسًا من عمل الشيطان، ويجب التودد إليهم، وإن أكرم العباد عند الله أتقاهم، وليس المسلمين.
والسؤال: ما حكم قائل هذا الكلام؟ وهل يحتاج إلى إقامة حجة أم يحكم بكفره؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهذا الأمر يحتاج إلى استبيان في التلبيس الذي ذَكَرَه بين إثبات الربوبية للناس جميعًا وبين ما قاله مِن أن الإسلام لم يحتكِر الحقيقة الإلهية وحده، فإن الكلام يوهم أن الإيمان يمكن أن يكون خارجًا عن دين الإسلام، مع التلفيق الصريح؛ فإثبات الربوبية لجميع الناس لا تعني نهائيًّا أن جميعهم مؤمنون.
وأما قوله: إن غير المسلمين ليسوا رجسًا؛ فيُسأل: هل يقصد الرجس الحسي فيكون صحيحًا، أو المعنوي فيكون مكذبا للقرآن؟! قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة:28)، والمشركون ضمن الناس.
وأما إيهامه إمكان حصول التقوى دون التوحيد، واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيُسأل: هل يقصد ما أوهمه صراحة أم يقصد أنه ليس كل المسلمين متقين؟!
فلا بد من الاستبيان أولًا ثم إقامة الحجة.