لماذا يكفي في قيام الحجة على الكفار سماعهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟
السؤال:
أريد أن أفهم مِن فضيلتك لماذا مجرد وصول خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- للكفار وسماعهم به يكفي في قيام الحجة عليهم والحكم بكفرهم إذا لم يدخلوا في الإسلام ويؤمنوا بأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسول الله، وهذا بناءً على الحديث الشريف الصحيح الذي جاء فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (رواه مسلم)؟
وإذا كان الاستدلال بأن الكفار إذا سمعوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيلزمهم البحث؛ فهل معنى ذلك أن كل مَن جاءك يحذرك مِن شيء وأنت لا تعرفه أنه يلزمك أن تبحث وأن تتحرى؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فخبر الرسول بالوحدانية والرسالة يوافِق فطرة إنسانية هائلة داخل الإنسان؛ يجد آثارها في الكون وفي النفس، ومجرد ورود هذا الخبر على القلب والسمع يوقِظ هذه الفطرة، ويدفعه إلى البحث، فكل عاقل يجد أثرًا على الأرض يتأكد بفطرته بوجود مؤثر؛ فلو حفرنا مثلاً ووجدنا تماثيل فرعونية مدفونة لم يشك عاقل أنها مِن نحت إنسان، ثم ننظر بعد ذلك: هل هو روماني أو يوناني أو فرعوني؟ كما وجد قوم إبراهيم -عليه السلام- الأصنام مكسرة فقالوا: (مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء:59)، ولم يخطر ببالهم أن معركة قامتْ بينها فكسر بعضها بعضًا كما قال لهم إبراهيم -عليه السلام- مستهزئًا مقيمًا للحجة عليهم: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) (الأنبياء:63).
لذا كان بلوغ خبر: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" موقظًا للفطرة الضرورية، فإذا قتلها إنسان ولم يستجب لها؛ كان قد قامتْ عليه الحجة، ولو شك فبحث فقطعًا سيجد الأدلة كالماء والهواء كثرة وقوة على المسألتين: "الوحدانية والرسالة".
وصدق الرسل وحسن صفاتهم مركوز في الفطر، وتكذيب مدعي النبوة وصفاتهم القبيحة كذلك؛ فكيف نسوي بينهما؟!