كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فترتبط إيران بعلاقات وثيقة مع دول المغرب العربي؛ رغم كل ما تعرضت له تلك العلاقات من توترات من وقتٍ لآخر؛ حيث إن لإيران مع دول المغرب العربي اتفاقيات اقتصادية وتجارية وسياحية وغيرها، إلى جانب تقديم إيران لمساعدات ومعونات اقتصادية لبعض هذه الدول لتعميق هذه العلاقات.
وقد سعت إيران في العقد الأخير إلى الاستفادة من التغيرات التي تبعت (ثورات الربيع العربي) منذ يناير 2011 في توسيع نفوذها في هذه المنطقة وتأكيد تواجدها فيها.
تقع إيران في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا، وتعرف رسميًّا باسم: (الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، وتعرف تاريخيًّا باسم: (بلاد فارس)؛ يحدها من الشمال تركمانستان وأذربيجان وأرمينيا وبحر قزوين، ويحدها من الشرق أفغانستان وباكستان، ويحدها من الغرب العراق وتركيا، ويحدها من الجنوب الخليج العربي وخليج عمان والمحيط الهندي.
ونظرًا لوقوع إيران عند تقاطع جغرافي بين العالم العربي والعالم التركي من جهة، وشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى والقوقاز من جهة أخرى؛ فهذا يفرض على الأمن القومي الإيراني تحديات كبيرة، ففي الشمال هناك مشكلات بحر قزوين والتي تتصارع دوله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حول البترول والغاز والذهب، والموقع الإستراتيجي، وفي الجنوب تطل إيران على الخليج العربي ومضيق هرمز حيث يمر من هناك ما يقارب ثلثي إمدادات البترول العالمية.
ومن الشرق تواجه إيران مشكلات أفغانستان منذ الغزو السوفيتي إلى اليوم، وفي الجنوب الشرقي توجد باكستان القريبة من الغرب والتي تمتلك القنبلة النووية، وفي الشمال الغربي توجد تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلنطي، وكل من باكستان وتركيا على المذهب السني، فهما مناوئان للمذهب الشيعي الاثني عشري الذي تعتنقه إيران، وفي الغرب تقع العراق التي تُعدُّ تاريخيًّا البوابة والمدخل إلى بلاد فارس؛ فهذا الموقع الجغرافي يجعل إيران تتجه إلى البحث عن مصالحها الحيوية ورفض العزلة، والتطلع إلى أن يكون لها دور إقليمي، ودور أيضًا على الساحة العالمية؛ فضلًا عن الرغبة العارمة في إحياء مجد الإمبراطورية الفارسية الغابر؛ إذ سيطرت -وتسيطر- على إيران من التاريخ القديم فكرة إقامة إمبراطورية فارسية لها هيمنة إقليمية وقابلة للتوسع والتمدد.
ومنذ قيام ثورة الخميني في إيران عام 1979 عدَّ الخميني إنشاء الحكومة الإسلامية في إيران مجرد خطوة أولى تجاه إنشاء دولة إسلامية عالمية تقودها إيران، حيث قال: "إن العرب حكموا المسلمين وكذلك الأتراك وحتى الأكراد؛ فلماذا لا يحكم الفرس وهم أعمق تاريخًا وحضارة من كل هؤلاء" (انظر في ذلك: التغلغل الإيراني في دول المغرب العربي، حمدي بشير – مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية – ط. 1439هـ، ص 32-33)، حيث تعهد الخميني منذ وصوله للحكم في إيران بتصدير الثورة الإيرانية بفكرها الشيعي الاثني عشري القائم حاليًّا على نظرية ولاية الفقيه لكل أنحاء العالم وعدَّ ذلك من واجبات الجمهورية الإيرانية.
لذا تبنَّت إيران تفعيل الدور الخارجي لنظامها الثوري داخل الدول الأخرى، فكان هذا التوجه جزءًا من خطط إيران الدفاعية المتقدمة خارج حدودها كإجراء وقائي لحماية الثورة الإيرانية في سنواتها الأولى، والذي تحوَّل إلى إستراتيجية لإيران توحد من خلالها مناصريها وحلفائها من التيارات الإسلامية المختلفة تحت راية الثورة الإيرانية من خلال مساندة واحتواء حركات المعارضة الراديكالية؛ خاصة ذات التوجه الإسلامي خاصة في الدول المجاورة لإيران لا سيما التي بها تواجد شيعي أو جاليات شيعية.
ويرى البعض أن إيران قد مَرَّت بعد قيام ثورة الخميني بعدة مراحل:
- المرحلة من عام 1979 إلى عام 1989: وهي التي شهدت الحرب بين العراق وإيران، ومحاولة الحفاظ على أراضي إيران واستقلالها، مع السعي المتشدد لتصدير الثورة الإيرانية لدول أخرى.
- المرحلة من عام 1989 إلى عام 1997: والتي أعقبت وفاة الخميني وتولي (هاشمي رفسانجاني) رئاسة الجمهورية، الذي كان يتمتع بمكانة سياسية ودينية متميزة بحكم انتمائه إلى رجال الدين الحاكمين. وقد أعطى رفسانجاني الأولوية للنهج الإصلاحي واستكمال البناء الداخلي بعد الاستنزاف الناتج من المواجهة مع العراق، حيث تولَّت عناصر بارزة من تيار رفسانجاني المناصب الرئيسية في الدولة، وسعى رفسانجاني لتهدئة العلاقات مع العالم العربي، مع استمرار الخطاب العدائي للولايات المتحدة، ودعم ومساندة التنظيمات المعادية للنظام العراقي، ودعم التنظيمات المعادية لإسرائيل؛ مثل: حزب الله في لبنان وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ورغم هذا التحوُّل الإصلاحي لم تكن لرفسانجاني أي مشكلة مع الحرس الثوري المتشدد أو مع الأجهزة الأمنية.
- المرحلة من 1998 إلى عام 2005: والتي تولى فيها (محمد خاتمي) رئاسة الجمهورية، والذي سعى إلى إخراج إيران من عزلتها ودعم علاقاتها مع الدول الأخرى، مراعاة للواقع، مع عدم الابتعاد عن مكاسب الثورة الإيرانية وتقديم المصلحة القومية على ما سواها. وتبنَّت النخبة السياسية الإيرانية في تلك الفترة برامج إصلاحية اهتمت بالاقتصاد والأوضاع الداخلية وفي هذا الإطار كانت زيارة خاتمي للجزائر في أكتوبر 2004.
- مرحلة ما بعد عام 2005: والتي بدأت مع تولي الرئيس الإيراني (محمود أحمدي نجاد) للسلطة، الذي تبنَّى سياسات متشددة زاد معها ترسيخ الوجود الإقليمي لإيران؛ إذ تبنَّى نجاد سياسة خارجية راديكالية على الصعيدين الإقليمي والدولي في محاولة لاستعادة الخطاب الثوري لأجل إيجاد مكانة لإيران في ظل الظروف الإقليمية والدولية، وقد تزايدت في هذه الفترة الأنشطة الإيرانية من أجل ترسيخ الوجود الإيراني فيها والتغلغل الإيراني في العالم العربي، وقد وجدت جهود نجاد بيئة ملائمة خاصة بعد سقوط العراق وحدوث طفرة في العوائد النفطية، وظهور الصراع الداخلي في العراق بعد صدام والذي أخرج العراق من نطاق التأثير الإقليمي، فصار لإيران الدور الرئيسي في المنطقة خاصة من خلال حلفائها من الشيعة في دول المنطقة.
وقد سعت إيران خلال تلك الفترة لامتلاك شبكة من العلاقات الدولية في سياق الدفاع عن مصالحها، كما رفعت من سقف الخطاب السياسي تجاه إسرائيل والولايات المتحدة ورفعت فيها من مستوى تدخلها في شؤون الدول العربية المجاورة، ومثلت منطقة المغرب العربي لإيران في هذه الفترة ساحة إضافية للحصول على تأييدها والتغلغل فيها.
ورغم تبني تصدير الثورة الإيرانية باسم الإسلام واستخدام الغزو الفكري لكسب المزيد من الأنصار، وإظهار الدفاع عن القضية الفلسطينية ومحاولة نشر المذهب الشيعي الاثني عشري في الدول التي تتحرك فيها فقد تجاهلت إيران قضية الشيشان حرصًا على عدم إثارة روسيا، ودعمت أرمينيا النصرانية في حربها ضد أذربيجان الشيعية، وعقدت تحالفات مع حكومات يسارية في فنزويلا وكوبا (انظر المصدر السابق، ص 40).
أهمية المغرب العربي:
تُعدُّ دول المغرب العربي ذات أهمية إستراتيجية لأمورٍ عديدةٍ؛ منها: إطلالها على مضيق جبل طارق الذي يُعدُّ المنفذ بين الشرق والغرب، مع مكانتها في سوق البترول العالمية؛ إذ تُعدُّ الجزائر وليبيا من الدول المؤثرة في سوق البترول ومجموعة أوبك (الدول المصدرة للبترول)، ومعروف أهمية العوائد البترولية كمورد أساسي للدخل القومي الإيراني حيث يتحرك معه اقتصاد إيران سلبًا وإيجابًا؛ خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ عام 2006 وأثرها على الأوضاع الاقتصادية في إيران؛ فمثلًا: عندما انخفضت أسعار البترول عالميًّا عام 2016 سعت إيران من خلال علاقاتها مع الجزائر إلى الحفاظ على أسعار مناسبة للبترول ودفع منظمة أوبك (الدول المصدرة للبترول) إلى مراعاة ذلك.
هذا إلى جانب مكانة دول المغرب العربي على المستوى الإفريقي سواء في الاتحاد الإفريقي أو داخل المنظمات الإقليمية الفرعية، كما أن للمملكة المغربية علاقات متطورة مع دول غرب ووسط إفريقيا، وتُعدُّ الجزائر ثاني أكبر قوة عسكرية في شمال إفريقيا بعد مصر.
وتوجد في دول المغرب العربي جاليات شيعية أكثرها قادمة من لبنان والعراق وسوريا، وقد تأسست عبر التاريخ في المغرب العربي إمارات متعددة في مذاهبها مما جعلها مفتوحة على كلِّ التأثيرات التي كانت تمارسها تلك المذاهب، فتعايشت فيها جماعات ذات مذاهب مختلفة متنوعة، ومنها المذهب الشيعي حيث نشأت في المغرب العربي الدولة الفاطمية الشيعية وامتدت من هناك إلى مصر، علاوة على رسوخ محبة آل البيت والولاء لهم في المغرب العربي، إلى جانب انتشار زوايا الطرق الصوفية بشكل لا يمكن تجاهله، وهذا يوفر أرضية تتناسب مع محاولات التمدد الشيعي هناك، حيث توجد أقلية شيعية صارت لها صلة وثيقة بإيران بعد تدشين الخميني لنظرية ولاية الفقيه التي ربطت بين الشيعة في كل مكان وبين النظام الثوري الجديد في إيران، وصار هناك من الشيعة من يدين له بالولاء وهم خارج إيران، مما يمكن معهم تسيسهم وتفعيل دورهم داخل دول المغرب العربي ومد النفوذ الإيراني هناك عبرهم، وزيادة القدرة على التدخل عبر سياسات وآليات متعددة كما حدث ويحدث في لبنان والعراق وسوريا في المشرق العربي.
ورغم ضآلة أعداد الشيعة بالنسبة إلى عدد السكان في دول المغرب العربي؛ فإن هؤلاء الشيعة يدين معظمهم بالولاء لإيران؛ لذا تسعى إيران من خلال سفاراتها إلى التواصل معهم، كما تحرص على إنشاء المراكز الثقافية واستقبال طلاب من المغرب العربي في الجامعات الإيرانية، وإرسال الصحف والمجلات الإيرانية إلى تلك الدول، وهذا الدعم له أثره في مد النفوذ الإيراني إلى تلك الدول، واختراق بعض الجماعات السنية واستقطاب تأييد البعض الآخر كجماعة الإخوان المسلمين.
ولقد كانت العلاقات بين نظام شاه إيران ودول المغرب العربي قبل ثورة الخميني علاقات عادية لا خصوصية فيها، ولكن بعد ثورة الخميني عام 1979 صارت دول المغرب العربي في دائرة اهتمام إيران، التي أخذت على عاتقها محاولة تصدير نموذج الثورة الإيرانية الشيعية إلى دول المغرب العربي عبر الاختراق الثقافي، مما أدى إلى تطور في العلاقات بين إيران ودول المنطقة ودخولها في مرحلة جديدة مهمة، حيث كان بعض تطوراتها إيجابيًّا تعاونيًّا وبعضها سلبيًّا تصارعيًّا. وقد استغلت إيران في ذلك الخلاف بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء المغربية في تعزيز حضورها وخدمة مصالحها مع الدولتين، باستدراج البلدين للتنافس على تقديم مصالح وحوافز لإيران لكسب انحيازها في هذه القضية. كما حاولت إيران استثمار فرصة حالة عدم الاستقرار التي طرأت في ليبيا بعد ما عرف بالربيع العربي وسقوط نظام القذافي من أجل المزيد من التغلغل الإيراني هناك.
ولم تعارض دول المغرب العربي في بداية الأمر هذا التغلغل الإيراني والتمدد الشيعي الذي لم يثر لديها المخاوف والتحفظات أو المعارضة؛ إذ النظرة السائدة هناك تجاه إيران أنها دولة تتمتع بالجوار مع الوطن العربي وليس عليها تحفظات إلا من خلال برنامجها النووي عند بعض الأطراف، وإلا من خلال نزاعها الحدودي مع بعض الدول العربية الخليجية.
آليات السياسة الخارجية لإيران:
تتبنَّى إيران عددًا من الآليات لتنفيذ سياستها الخارجية وتحقيق التغلغل المطلوب في الدول العربية وغيرها، ومنها:
تعزيز العلاقات الدبلوماسية:
من خلال التمثيل الدبلوماسي والزيارات المتبادلة الرسمية وغير الرسمية لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية المتبادلة، إلى جانب استخدام برامج التعاون لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وتشجيع التبادل التجاري.
التعاون التجاري والاقتصادي:
من خلال إيجاد أرضية مشتركة لتوسيع العلاقات الثنائية والتبادل التجاري. وتستغل إيران حاجة بعض الدول؛ مثل: موريتانيا في دعم قطاعاتها الاقتصادية وتمويل الاستثمارات؛ كما أنها تستغل حاجة بعض الدول للاستفادة من الخبرة الإيرانية في قطاعي البترول والتكنولوجية وصيانة معامل تكرير البترول ومجال الاستكشافات البترولية.
الوسائل الإعلامية:
ومن هذه الوسائل توزيع ونشر الصحف والمجلات الإيرانية اليومية والأسبوعية والشهرية باللغات الرسمية والمحلية، وإصدار الصحف والمجلات فضلًا عن القنوات الإيرانية المرئية والفضائية الناطقة بالعربية، كما يتم إنشاء الحوزات العلمية الشيعية، وإقامة معاهد ومراكز لنشر التشيع وإقامة الدورات وتوفير المنح الدراسية. ولهذه الوسائل دورها في نشر الفكر الشيعي.
الاختراق الثقافي:
بتوفير المنح الدراسية إلى مدينة (قم) والحوزات العلمية ذات المكانة الدينية عند الشيعة، وتمويل المنح الدراسية للتخصصات النادرة، وتلعب الملحقيات الثقافية التابعة للسفارات الإيرانية دورًا كبيرًا في دعم هذا الاختراق، إلى جانب دعم الجمعيات والأنشطة الثقافية التي تهدف إلى التعريف بالثقافة الإيرانية والتأثير على الفئات الفقيرة والمهمشة. إلى جانب تمويل التيارات الفكرية التي تستهدف التأثير مستقبلًا في سياسات الدول.
مكاسب إيرانية:
وقد استفادت إيران كثيرًا من الأوضاع الدولية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في توسيع نفوذها وتأكيد حضورها الإقليمي إذ استفادت من الحرب الأمريكية على أفغانستان وإسقاط نظام حكم طالبان، وكذلك من الحرب الأمريكية على العراق وإسقاط نظام حكم صدام حسين عام 2003، وهما طرفان كانا على عداء مع إيران، وقد تزايد النفوذ الإيراني بعد الانسحاب الأمريكي من العراق وتدخل الحرس الثوري الإيراني بشكل واسع في العراق من خلال المعارضة العراقية. واتسع نفوذ إيران في المنطقة ليشمل العراق وسوريا ولبنان.
وقد قامت جهات إيرانية رسمية وغير رسمية بجهود كبيرة لنشر المذهب الشيعي في البلاد العربية، وقد اشتكت بعض الدول العربية منها مصر والسودان والمغرب من أن هناك نشاطًا دعويًّا شيعيًّا يمارس فيها، وأن هناك محاولات لاختراق المجتمعات السنية من خلال ذلك، وشهدت تلك الفترة تقارب في العلاقات بين إيران والإخوان المسلمين؛ إذ استغلت إيران علاقات الإخوان المسلمين المتوترة مع السلطات داخل بلدانهم في إقامة علاقات طيبة معهم، كما تحالفت مع بعض الأنظمة السياسية العربية من خلال الدعم السياسي أو المعونات.
كما استفادت إيران من ثورات الربيع العربي في عام 2011 وما أحدثته من تغيرات؛ إذ تسببت في إسقاط ثلاثة أنظمة عربية في المنطقة في تونس وليبيا ومصر، وتوترت معها الأوضاع في سوريا التي تُعدُّ حليفًا إستراتيجيًّا لإيران، ولقد كان لهذه الأحداث انعكاسها على السياسة الإيرانية وانخراطها في الأزمات في المنطقة للاستفادة منها واستغلالها لمصلحتها بشكل أو بآخر إذ أنها تُعدُّ فرصة سانحة ومناسبة للتغلغل في المنطقة.
وقد تبلورت أهم أهداف السياسة الإيرانية الخارجية في الآتي:
تصدير الثورة الإيرانية:
فالسياسة الخارجية الإيرانية من بعد ثورة الخميني عام 1979 سياسة خارجية توسعية ذات طابع تدخلي يرتكز على تصدير الثورة وفق النموذج الإيراني القائم على ولاية الفقيه، واعتلاء النخبة من رجال الدين قمة السلطة، بهدف توسيع قاعدة أتباع المذهب الشيعي وتأسيس جماعات أو أحزاب ولاؤها لإيران على غرار حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن. ويتم ذلك من خلال احتضان الأقليات الشيعية ودعمها، وتوظيفها لاختراق الأوساط السنية.
وقد أغرت نجاحات إيران في المشرق العربي في العراق وسوريا ولبنان على التغلغل في دول المغرب العربي، انطلاقًا من العامل التاريخي وتعدد المذاهب الدينية ووجود مساحات من التسامح الديني المتاحة في بعض هذه الدول، وانتشار الطرق الصوفية ورسوخ محبة أهل البيت، مع تلاشي الخلافات السياسية العدائية مع إيران بحكم الجغرافيا والتاريخ.
بناء قاعدة من الحلفاء الموالين لإيران:
من خلال امتلاك شبكة من العلاقات الدولية والحصول على تأييد هذه الدول للدفاع عن مصالحها وتحقيق أهداف سياساتها الخارجية، وبالتالي امتلاك أوراق للضغط تتيح لها المساومة في مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة، وفي إعادة تشكيل توازنات القوى، وفي الخروج من الحصار المفروض عليها، وفي تخفيف أثر العقوبات الدولية عليها والتي تهدد مصالحها.
كسب التأييد لبرنامجها النووي:
وذلك للوصول إلى حلمها النووي بامتلاك التكنولوجيا النووية، خصوصًا في ظل الحصار المفروض عليها والضغوط التي تمارس ضدها دوليًّا، ورغبتها في أن يكون لها دورًا إقليميًّا ودوليًّا، إضافة إلى تنافسها مع إسرائيل على توسيع النفوذ في المنطقة.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.