كتبه/ وائل عبد القادر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد ذكرنا في المقال السابق أنه لا يخرج شيء في الكون عن حكمة الله -عز وجل-، ومن ذلك ما يدور الآن من الأحداث والصراع بين الحق وأهله من جانبٍ، وبين الباطل وأهله من جانبٍ آخر، فتكالب الأعداء بكلِّ دولهم وأممهم الكافرة على ثلة مستضعفة من أهل الإسلام في فلسطين من ورائه الحِكَم البالغات التي قد ذكرنا طرفًا منها، ومنها أيضًا:
?- ظهور آثار أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله في خلقه: فينصر ويخذل، ويحيي ويميت، ويحب ويبغض، ويعطى ويمنع، ويقبض ويبسط، ويعز ويذل،
ومن آثار أسمائه (الحليم) الذي لا يعاجل بالعقوبة، بل يمهل الظالم مهما كان ظلمه، فإن عاد وتاب تاب الله عليه، وإن أبى إلا الكفر والفسوق والعصيان فقد مضت سنة الله في أولئك، قال الله -تعالى-: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (الأنفال: 38)، وقال -تعالى-: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (إبراهيم: 42)، وقال: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) (البروج: 10)، وصدق الحسن البصرى حين قال: "انظروا إلى سعة حلمه؛ فإنهم يقتلون أولياءه وأهل طاعته، وهو يدعوهم إلى التوبة!".
وظهور آثار اسم الله (الحكيم) الذي يحكم ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الأنبياء: 23)، مع اليقين أن قضاءه وأفعاله تجري على مقتضى الحكمة البالغة والعدل، والقسط، والرحمة، والمصلحة.
?- كرامة الله -تعالى- لهؤلاء المستضعفين بأنواع من السنن (الاستثنائية) من الربط على قلوبهم بالإيمان وتسديد رميهم وتثبيت الأرض من تحت أقدامهم، بينما يلقى في قلوب الذين كفروا الرعب، ويزلزل الأرض من تحتهم.
وتحقيق نصره -تعالى- للفئة القليلة المؤمنة على الكثيرة الكافرة، وتعظيم عددهم في نظر عدوهم (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) (آل عمران: 13)، ومن ذلك قوله -تعالى-: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال: 17).
ووعده الحق -جل وعلا- بنصر المؤمنين: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ . وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات: 171-173).
فاللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي كل مكان، اللهم عجل بنصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم عليك باليهود وأشياعهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وعاجل نقمتك، وبأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.