كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتحتاج كل دولة تطل على محيط أو بحر أو خليج أن تكون لها قوة بحرية قادرة على حمايتها، والدفاع عن مواردها؛ خاصة البحرية منها، وكلما ازدادت مصالح الدولة ومناطق نفوذها إقليميًّا ودوليًّا احتاجت أكثر وأكثر إلى زيادة قوتها البحرية، وزيادة أدوارها وفاعليتها.
وعبر التاريخ كان صعود قوى دولية أو تراجعها في النظام الدولي يرتبط بثقل قوتها البحرية إلى جانب قوتها البرية والجوية، فالقوة البحرية للدولة يمكن أن تؤدي مهامًا كثيرة ومتنوعة بحسب ثقل الدولة ومصالحها ونفوذها، بدءًا من حماية السواحل والموارد البحرية، إلى دعم المصايد والتنقيب والبحث عن البترول والغاز والمعادن في المياه الإقليمية، إلى تأمين الملاحة والتجارة البحرية وسلاسل الإمداد في الممرات البحرية وأعالي البحار التي تستخدمها الدولة، ومنع أعمال الهجرة غير المشروعة والتهريب عن طريق البحر، والتصدي لأعمال القرصنة والنهب من جماعات، أو رد التهديدات من دول لها نفوذ وهيمنة.
وقد زاد الأمر خطورة التقدم الرهيب في السفن الحربية وتسليحها ومعداتها وإمكانياتها وتنوعها، من مقاتلات سطحية كالفرقاطات والطوربيدات، ومن مقاتلات تعمل تحت السطح كالغواصات، ومن أنواع الصواريخ التي تطلق فوق سطح الماء أو من تحت سطح الماء بكفاءة وسرعة ودقة عالية ولمسافات بعيدة، وبقدرات مدمرة كبيرة، إلى جانب المركبات البرمائية، وسلاح الطيران البحري وحاملات الطائرات من طائرات الهليكوبتر وغيرها؛ بالإضافة إلى المساهمة في أعمال النقل للقوات المقاتلة في الحروب وغيرها، والمشاركة في أعمال الإنقاذ والمعاونة.
وتحرص الدول الكبرى كل الحرص على تحقيق مصالحها و تقوية وحماية نفوذها من خلال أن يكون لها أساطيل بحرية قوية تجوب بحار العالم المختلفة، خاصة في مناطق الصراعات الملتهبة منها؛ لفرض هيمنتها البحرية الإقليمية والدولية.
ويشهد عصرنا الحالي تنافسًا قويًّا بين القوى العظمى في العالم لفرض الهيمنة البحرية على البحار والمحيطات والممرات البحرية حيث تتسابق هذه القوى تسابقًا رهيبًا فيما بينها في بناء وتضخيم وتطوير وتحديث أساطيلها وترسانتها في مواجهة القوى المنافسة لها للتفوق عليها في هذا المجال، وفي مقدمة تلك القوى أمريكا والصين، وروسيا والاتحاد الأوروبي، واليابان والهند.
1- القوة البحرية الأمريكية:
تمتلك أمريكا حاليًا أقوى سلاح بحري في العالم، حيث كان لسلاح البحرية الأمريكي تطور تاريخي مذهل، حيث بدأت الاهتمام بقوتها البحرية منذ نشأتها الأولى، وخلال حرب الاستقلال في مواجهة بريطانيا وتفوقها البحري، ولحماية المستعمرات الأمريكية الساحلية.
ويتكون سلاح البحرية الأمريكية حاليًا من سبعة أساطيل نشطة بعد إلغاء عمل كلٍّ من الأساطيل الأول والثامن والتاسع، وهذه الأساطيل السبعة متشابهة في تقسيمها الوظيفي والهيكلي، حيث يتخصص كل أسطول منها في حماية المصالح الأمريكية في إحدى مناطق العالم، وهي موزعة كالآتي:
الأسطول الثاني:
مهمته الرئيسية: حفظ المصالح البحرية الأمريكية في منطقة غرب المحيط الأطلنطي من البحر الكاريبي إلى القطب الشمالي، وقد أعيد في عام 2018 تشكيله، عقب تزايد النشاط البحري الروسي في شمال المحيط الأطلنطي.
الأسطول الثالث:
تتركز مهامه في وسط وشرق المحيط الهادي من خلال دوريات بحرية للحفاظ على أمن المياه هناك، ويقوم الأسطول بوضع خطط وسيناريوهات للتدخل في المستقبل استعدادًا لأي حرب قد تشهدها منطقة شرق وشمال المحيط الهادي أو الساحل الغربي الأمريكي ومنطقة ألاسكا شمالًا.
الأسطول الرابع:
ومهمته تتركز في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى و الجنوبية، وقد أعيد تشكيله عام 2008، وعهد إليه التعاون مع القوات البحرية للدول الشريكة في مكافحة الاتجار بالبشر، والتعاون الأمني والتدريبات العسكرية مع القوات متعددة الجنسيات هناك.
الأسطول الخامس:
وهو مكلَّف بمواجهة أي تهديدات في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط للحفاظ على أمن واستقرار البيئة البحرية هناك، وقد لعب هذا الأسطول دورًا كبيرًا في عملية (درع الصحراء) التي قادتها أمريكا عام 1991 مع القوات المتعددة الجنسيات لإنهاء احتلال العراق للكويت.
الأسطول السادس:
هو نقطة ارتكاز القوات البحرية الأمريكية في أوروبا بالتعاون مع حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، لضمان الأمن والاستقرار في جنوب أوروبا، وتكمن قوته الضاربة في حاملات الطائرات والطائرات النفاثة الحديثة والغواصات المتقدمة، إلى جانب كتائب المشاة الموجودة على سفن برمائية منتشرة في البحر المتوسط.
الأسطول السابع:
وهو أكبر وأهم الأساطيل الأمريكية، وأهم ركائز الإستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة المحيطين: الهادي والهندي. ويتمركز الأسطول في بحر الصين الجنوبي لمراقبة الأنشطة البحرية الصينية وللتعامل مع أي تصعيد مفاجئ في المنطقة، وينتشر الأسطول كذلك في مضيق تايوان، ويضم الأسطول ما بين 50 إلى 60 سفينة وغواصة، و150 طائرة حربية، و60 ألف من الأفراد والمشاة البحرية، ويمتد نشاطه عبر مساحة تبلغ 142 مليون كيلو متر مربع تضم 26 دولة في منطقة ما وراء المحيطين الهادي والهندي.
الأسطول العاشر:
والذي تم إنشاؤه عام 2010 ليتولى مسئولية القيادة الإلكترونية للبحرية الأمريكية، ويقدم تقاريره مباشرة إلى رئيس العمليات البحرية، وتتمثل مهمته في تخطيط العمليات البحرية ومراقبتها وإرشادها وتقييمها، وتوجيه التأثيرات التكتيكية والتشغيلية لضمان تنفيذ لمهام القيادة البحرية في جميع أنحاء العالم، وتتفوق القوة البحرية العسكرية الأمريكية نوعيًّا على غيرها؛ إذ تمتلك 11 حاملة طائرات، و9 حاملة هليكوبتر، و92 سفينة مدمرة، و68 غواصة، و22 سفينة حربية صغيرة؛ بالإضافة إلى 8 طرادات و10 سفن لخفر السواحل.
وفي ظل حدة الصراع مع الصين؛ فإن إستراتيجية الدفاع الأمريكية تسعى لتعزيز قوتها في المجال البحري لمجابهة التهديدات الصينية والروسية للمصالح الأمريكية.
2- القوة البحرية الصينية:
سعى الحزب الشيوعي في الصين بشكل تدريجي في تعزيز القدرات البحرية للصين، وتطورت إستراتيجية الصين البحرية من الاهتمام بتعزيز قدرات خفر السواحل في نهاية السبعينيات من القرن العشرين، وتنمية القدرات الدفاعية في البحار القريبة، وتشمل البحر الأصفر وبحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، إلى الانتقال إلى تنفيذ مهام في البحار البعيدة بما فيها خارج حدود القارة الآسيوية.
ويرجع اهتمام بكين الكبير بتعزيز قوتها البحرية لعوامل، منها:
- إدراك القادة الصينيين أن من أسباب هزائم الصين التاريخية التي عانتها خاصة أمام اليابان ضعف القوة البحرية، وبالتالي كان لا بد من الاهتمام بتعزيز القوة البحرية الصينية للحفاظ على أمن الصين.
- تأهب الصين لأي صراع عسكري مع تايوان، حيث تنظر الصين إلى تايوان على أنها مقاطعة منشقة عنها، وترى بكين أن الوحدة مع تايوان ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الصينية؛ لذا تري بكين أن تعزيز قوتها البحرية يمكنها من تحقيق هذا الهدف ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر؛ خاصة في ظل الحشد الأمريكي البحري في المنطقة لدعم تايبيه (عاصمة تايوان) في مواجهة التهديدات الصينية؛ مما سبب تصاعد التوتر الشديد في محيط مياه تايوان وداخل مضيق تايوان.
- اهتمام الصين الكبير بحماية مكاسبها الاقتصادية من (الاقتصاد الأزرق) المرتبط بالبحار والمحيطات، حيث نمت الصناعة البحرية الصينية بسرعة في العقود الثلاثة الأخيرة، وتجاوز إجمالي قيمة الصناعات البحرية الصينية التريليون يوان عام 2012، ومن المتوقع أن يمثِّل الاقتصاد الأزرق 30 % من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2050.إلى جانب إنشاء الصين للعديد من المناطق الاقتصادية الزرقاء الرائدة في مقاطعاتها الساحلية الشرقية، والتي تعد محركًا جديدًا للنمو الاقتصادي للصين.
- تأمين (مضيق ملقا) الممر المائي المثالي لنقل المنتجات من وإلى الصين، إذ يعد أقصر طريق بحري بين الشرق الأوسط و شرق آسيا، فوفقًا لإحصاءات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية فإنه يتم نقل نحو 20 % من التجارة البحرية العالمية و60% من التدفقات التجارية للصين عبر (مضيق ملقا) وبحر الصين الجنوبي؛ لذا فمن الضروري تأمين الصين لحركة الملاحة فيهما لمنع أي أضرار كارثية على الاقتصاد الصيني بسبب أي تأثيرات سلبية على حركة الملاحة هناك.
- الرغبة في توفير الحماية للاستثمارات الصينية في طريق الحرير البحري.
ومن هنا تتبنى الصين مبدأ الدفاع عن البحار القريبة بمنزلة إستراتيجية دفاعية لضمان السيادة الإقليمية وضمان حقوقها، ومصالحها البحرية، وتعزيز وجودها وقدرتها على تحقيق الانتصار في أي صراع مسلح قد ينشأ في البحار القريبة، بينما يأتي مبدأ حماية البحار البعيدة تأكيدًا لسعي الصين لتكون قوة بحرية عالمية، وذلك من خلال زيادة عدد السفن وحاملات الطائرات والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، لدعم قدرات البحرية الصينية للتوسع في عملياتها في المناطق البعيدة عنها بما فيها خارج حدود قارة آسيا.
وتشير تقارير صادرة عن مكتب الاستخبارات الأمريكية إلى أن الصين أصبحت تملك في عام 2020 عدد 360 سفينة حربية، وهذا يزيد عن عدد السفن الأمريكية، كما أن حجم القوة القتالية للبحرية الصينية تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف، وقد استبدلت الصين معداتها البحرية التقليدية بمعدات قتالية دقيقة التوجيه، وقد أعلنت الصين في يونيو 2022 عن الانتهاء من تصميم وبناء أول حاملة طائرات محلية؛ إلا أنها لم تدخل الخدمة بعد لحاجتها إلى بعض التجهيزات، مثل: تركيب أنظمة الدفاع والرادارات؛ إلا أن تصميم وبناء الحاملة محليًّا يعد الإنجاز الأكبر للبحرية الصينية في العقد الأخير.
وقد حد تنامي القوة البحرية الصينية الحالي من سيطرة البحرية الأمريكية الكاملة التي كانت عليها خلال العقود السبعة الأخيرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ إلا أن تأثير القوات البحرية الصينية يتواجد بقوة في ثلاث مناطق رئيسية، هي: بحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، ومنطقة الإندو - باسيفيك (ما بين المحيط الهادي والمحيط الهندي).
مقارنة بين القوتين الأمريكية والصينية:
- رغم أن البيانات تشير إلى أن القوة البحرية الصينية باتت أكبر قليلًا من حيث العدد، فإن للبحرية الأمريكية تفوق نوعي في الملاحة البحرية، وفي الخبرة القتالية على نظيرتها الصينية، كما أن البحرية الأمريكية ما زالت تمتلك عددًا أكبر من السفن التي تتسع حمولتها للمعدات الثقيلة، مثل: مدمرات الصواريخ الموجهة، مما يجعلها أكثر تفوقًا نسبيًّا في القدرة على إطلاق صواريخ كروز.
- تتسم القيادة للقوات البحرية الصينية بالمركزية الشديدة، بينما تتسم قيادة القوات البحرية الأمريكية بالمرونة حيث يضع القادة أهدافًا ويتركون الأمر للمرؤوسين لتقرير كيفية تحقيق تلك الأهداف، مما ينمي اللامركزية والقدرة على توليد الأفكار الإبداعية، مما يجعل البحرية الأمريكية تتفوق على نظيرتها الصينية في تطوير التقنيات وأساليب الإدارة المختلفة، وتعزز بالتالي من الأداء أثناء المعارك البحرية، فمثلًا: عند حدوث عطل في الاتصال مع القيادة أثناء القتال، فمن المرجح ألا ترتبك وحدات البحرية الأمريكية، وأن يقوم الصف الثاني باتخاذ القرارات اللازمة في حين أن من المتوقع أن يربك موقف كهذا البحرية الصينية.
- يتكون أسطول الغواصات الأمريكية من 50 غواصة تعمل جميعها بالطاقة النووية بالكامل، بينما تملك الصين 62 غواصة لا تعمل بالطاقة النووية منها إلا 7 غواصات فقط.
- تعد القوة البحرية الأمريكية قوة عالمية حيث تنتشر سفنها البحرية في عدد كبير من مناطق العالم، بينما تعد قوة الصين البحرية قوة إقليمية حيث تتركز معظم قدراتها البحرية في المحيطين: الهادي والهندي، مما يحد من قدرتها على المنافسة على الهيمنة البحرية عالميًّا.
ولمواجهة تنامي التحدي الصيني فقد سعت القوات البحرية الأمريكية إلى تعزيز قدراتها من خلال:
- نقل المزيد من سفن البحرية الأمريكية إلى المحيطين: الهادي والهندي، حيث تتمركز حاليًا أكثر من نصف السفن القتالية التابعة للبحرية الأمريكية هناك بالقرب من الأسطول الأمريكي السابع المتمركز في المنطقة.
- تكثيف التعاون مع القوات البحرية لحلفاء أمريكا في المنطقة، ومن بينها: اليابان وأستراليا والهند والفلبين، من خلال تنظيم مناورات وتدريبات بحرية مشتركة معها.
- زيادة أعداد سفن القوات البحرية الأمريكية لضمان مجابهة الانتشار الواسع للقوات البحرية الصينية، مع تزويد السفن الأمريكية بأحدث التقنيات الدفاعية.
ويتوقع المراقبون العسكريون تصاعد الصراع البحري في بحر الصين الجنوبي بين الصين وأمريكا على المدى القريب والمدى المتوسط في ظل تصاعد التوتر بين الصين وتايوان، حيث تسعى الصين إلى ترسيخ وجودها العسكري هناك من خلال بناء المزيد من القواعد والمنشآت العسكرية، وفي ظل تصاعد النزاع البحري بين الصين واليابان في بحر الصين الشرقي حول جزيرة (دياويو)، والتي تطلق عليها اليابان اسم: (سينكاكو)؛ خاصة مع ازدياد وتيرة الدوريات البحرية الصينية في المنطقة المتاخمة للجزيرة.
ومع استبعاد حدوث نزاع مسلح على المدى القريب أو المتوسط بين الصين وأمريكا والقوى الآسيوية الأخرى المعنية بالصراع البحري في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، لكنه قد يحدث على المدى الطويل، لكن يرجح جانب عدم وقوع حرب مفتوحة بين الأطراف المتنازعة التكلفة المرتفعة والفادحة المتوقعة للخيار العسكري، وكذلك للتأثير السلبي الكبير المتوقع حال الحرب المفتوحة على حركة التجارة العالمية على القارة الآسيوية والعالم بأكمله.
3- القوة البحرية الروسية:
رغم أن روسيا عبر تاريخها تعد قوة دولية، ورغم أنها لها سواحل تمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات، حيث يمتد الساحل الروسي من المحيط الشمالي المتجمد إلى بحر اليابان شرقًا، ثم البحر الأسود وبحر قزوين غربًا؛ إلا أنها أشبه بدولة شبه حبيسة إذ لا تمتلك منافذ بحرية كافية بسبب تجمد مياهها طوال العام تقريبًا، كما أن بالقرب من جهتها الشرقية حيث بحر اليابان (بحر الشرق) توجد قواعد عسكرية أمريكية في اليابان، أما من جهة بحر البلطيق فتواجه روسيا دولًا لها عضوية في حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، أما من جهة البحر الأسود فهي في نزاع حول شبه جزيرة القرم.
ومن هنا عانت وتعاني روسيا من أجل تحقيق المكانة الدولية من معضلة البحث عن كيفية للوصول إلى مياه العالم الدافئة للمشاركة في المنافسة على الهيمنة البحرية العالمية، وتعاني من معضلة الحد من تفوق القوات البحرية الأمريكية عليها؛ بالإضافة إلى الحاجة الدائمة لامتلاك القدرات اللازمة لتأمين كافة الحدود الروسية الشاسعة، خاصة البحرية منها.
ويشير موقع وزارة الدفاع الروسية إلى أن القوات البحرية تضم: القوات البحرية (السفن)، وقوات الغواصات، والطيران البحري، والقوات الساحلية التي تتكون من قوات الصواريخ والمدفعية الساحلية والمشاة البحرية، أما الأساطيل الروسية فهي موزعة على أربع مناطق رئيسية:
- المنطقة الشمالية: وتضم أسطول بحر الشمال.
- المنطقة الغربية: وتضم أسطول البلطيق.
- المنطقة الجنوبية: وتضم أسطول البحر الأسود، وأسطول بحر قزوين، وقيادة العمليات جنوب طرطوس.
- المنطقة الشرقية: وتضم أسطول المحيط الهادئ.
وتحتل روسيا الاتحادية المرتبة الثانية بعد أمريكا كأقوى جيش في العالم، وتحتل المرتبة الثانية في أعداد الوحدات البحرية بعد الصين وقبل أمريكا، ولكن تتفوق القدرات البحرية لدى دول حلف شمال الأطلنطي (حلف الناتو) مجتمعة على القدرات البحرية الروسية؛ مما يدفع روسيا إلى الاهتمام بتقوية ترسانتها البحرية لموازنة قدرات حلف الناتو الذي تراه روسيا المهدد الأول لأمنها القومي.
التحركات الروسية على الحدود المتاخمة:
- مع تعزيز أمريكا وحلف الناتو للوجود العسكري في محيط القطب الشمالي منذ أوائل العقد الماضي عملت روسيا حديثًا على تحديث منشآتها وقواعدها العسكرية وإرسال تعزيزات للمنطقة؛ خاصة في ظل النزاع القائم مع النرويج حول أرخبيل (سبيتسبيرجين) المطل على جزيرة (بير) التي تمثل الممر الرئيسي للغواصات النووية الروسية نحو المحيط الأطلنطي.
- وفي ظل تنازع موسكو وطوكيو في منطقة بحر اليابان (بحر الشرق) على ملكية (جزر الكوريل) الأربع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قامت روسيا حديثًا بعمليات تحديث وإقامة إنشاءات عسكرية على هذه الجزر، أبرزها: إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة (ماتوا) منذ عام 2017.
- وبعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2014 في شبه جزيرة القرم زادت أهمية البحر الأسود وبحر آزوف، حيث إنه بالسيطرة عليهما يتم تأمين القواعد البحرية الروسية الثلاث المنتشرة هناك، كما يتم تأمين حرية الأساطيل الحربية والتجارية الروسية المتجهة إلى الشرق الأوسط، وتؤمن الملاحة المرتبطة ببحر آزوف، خاصة في القناة الملاحية التي تربط بين بحر قزوين وبحر آزوف، والتي تعد الممر البديل للوصول إلى البحر الأسود في حال تعذر عبور مضيق البوسفور.
ونظرًا للتوتر بين روسيا والدول أعضاء حلف الناتو المطلة على بحر البلطيق فقد بدأت موسكو من عام 2020 في تحديث قاعدة أسطولها ببحر البلطيق وتسليحه، حيث إن أسطول بحر البلطيق الروسي يعد الأضعف مقارنة بباقي الأساطيل الروسية.
التحركات الروسية إقليميًّا ودوليًّا:
- يقتصر الوجود الروسي في البحر الأبيض المتوسط على القاعدة البحرية الروسية في (طرطوس) السورية، والذي زادت أهميتها بعد أحداث 2014، حيث بدأت عمليات توسيع لقدرات القاعدة لتصبح قاعدة متكاملة.
- ونظرًا لعدم وجود فعلي لروسيا في البحر الأحمر، فإن روسيا تسعى للتواجد هناك من خلال مفاوضات للتعاون العسكري مع السودان أو إريتريا.
- في أمريكا اللاتينية تمثل نيكاراجوا وفنزويلا النواة للوجود البحري الروسي في المنطقة، حيث لروسيا اتفاقات تسمح بدخول القطع البحرية الروسية لمواني نيكاراجوا، وتسمح بتأسيس عدة منشآت عسكرية روسية في أراضيها. كما تجمع بين فنزويلا وروسيا علاقات جيدة من خلال الدعم الروسي لحكومة (نيكولاس مادورو) في مواجهة الغرب، مما يمثل أساسًا للتعاون العسكري في المستقبل.
- ورغم أن روسيا قد تمكنت من تنفيذ عمليتها العسكرية في شبه جزيرة القرم منذ عام 2014 من خلال قوتها في أوكرانيا، فيرى المراقبون أن موسكو تضع نصب عينيها أن الوضع التكتيكي للقدرات الغربية -خاصة الأمريكية- يفوق نظيره الروسي، وأن انتشار البحرية الغربية في مختلف بحار العالم، وعدم انتشار البحرية الروسية في مختلف المحيطات والبحار بنفس الدرجة تعد نقطة ضعف في سبيل تحقيق المكانة الدولية لروسيا التي تبحث عنها، ويجعل للبحرية الغربية أفضلية في توازنات القوى.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.